فصل إذا أجر دارا أربع سنين بمائة دينار معجلة وقبضها، ففي كيفية إخراج زكاتها قولان. أحدهما: يلزمه عند تمام السنة الأولى زكاة جميع المائة، لان ملكه تام، وهذا هو الراجح عند صاحبي المهذب والشامل، والثاني: وهو الراجح عند الجمهور: لا يلزمه عند تمام كل سنة إلا زكاة القدر الذي استقر ملكه عليه، فإذا قلنا بالثاني، أخرج عند تمام السنة الأولى زكاة ربع المائة، وهو خمسة أثمان دينار، فإذا مضت السنة الثانية، فقد استقر ملكه على خمسين دينارا سنتين، فعليه زكاتها للسنتين، وهي ديناران ونصف، لكنه أخرج في السنة الأولى خمسة أثمان دينار، فيسقط ويجب الباقي، وهو دينار وسبعة أثمان، فإذا مضت السنة الثالثة، استقر ملكه على خمسة وسبعين دينارا ثلاث سنين، وزكاتها فيها خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار، أخرج منها في السنتين دينارين ونصفا، فيخرج الباقي، فإذا مضت الرابعة، استقر ملكه على المائة أربع سنين، وزكاتها فيها عشرة دنانير، أخرج منها خمسة وخمسة أثمان، فيخرج الباقي، هذا إذا أخرج من غير المائة، فإن أخرج منها واجب السنة الأولى، فعند تمام الثانية يخرج زكاة الخمسة والعشرين الأولى سوى ما أخرج في السنة الأولى، وزكاة خمسة وعشرين أخرى لسنتين، وعند الثالثة والرابعة، يقاس بما ذكرناه، وأما إذا قلنا بالقول الأول، فإنه يخرج عند تمام السنة الأولى زكاة المائة، وكذلك كل سنة إن أخرج من غيرها، فإن أخرج من عينها، زكى كل سنة ما بقي. واختلف العراقيون في هذين القولين، فقال القاضي أبو الطيب وطائفة: هما في نفس الوجوب، وقال أبو حامد وشيعته: الوجوب ثابت قطعا، وإنما القولان في كيفية الاخراج، وهذا مقتضى كلام الأكثرين.
وصورة المسألة: إذا كانت أجرة السنتين متساوية، فإن تفاوتت، زاد القدر المستقر في بعض السنتين على ربع المائة، ونقص في بعضها، فإن قيل: هل صورة المسألة فيما إذا كانت المائة في الذمة ثم نقدها، أو فيما إذا كانت الإجارة بمائة معينة، أم لا فرق؟