الثالثة: لو فاته الحج، لزمه القضاء ماشيا. وإذا تحلل في سنة الفوات بأعمال عمرة، هل يلزمه المشي في تلك الأعمال؟ قولان: أظهرهما عند الأكثرين: لا يلزمه، لأنه خرج بالفوات عن أن يجزئه عن نذره. ولو فسد الحج بعد الشروع فيه، فهل يجب المشي في المضي في فاسده؟ فيه القولان.
الرابعة: لو ترك المشي بعذر، بأن عجز، فحج راكبا، وقع حجه عن النذر. وهل عليه جبر المشي الفائت بإراقة الدم؟ قولان. أحدهما: لا، كما لو نذر الصلاة قائما، فعجز، صلى قاعدا ولا شئ عليه. وأظهرهما: أعم. فعلى هذا، يلزمه شاة على المشهور. وفي قول: بدنة، وإن ترك المشي مع القدرة، فحج راكبا، فقد أساء. وفيه قولان: القديم. لا تبرأ ذمته من حجه، بل عليه القضاء، لأنه لم يأت به على صفته الملتزمة. والأظهر: أنه تبرأ ذمته. فعلى هذا، هل يلزمه الدم؟ قولان، أو وجهان. أظهرهما: نعم. وهل هو شاة، أم بدنة؟ فيه الخلاف السابق.
فرع من نذر حجا، استحب أن يبادر إليه في أول سني الامكان. فإن مات قبل الامكان، فلا شئ عليه كحجة الاسلام. وإن مات بعده، أحج عنه من ماله؟
وإن عين في نذره سنة، تعينت على الصحيح كالصوم، فلو حج قبلها، لم يجزئه.
ولو قال: أحج في عامي هذا، وهو على مسافة يمكن الحج منها في ذلك العام، لزمه الوفاء تفريعا على الصحيح. فإن لم يفعل مع الامكان، صار دينا في ذمته يقضيه بنفسه. فإن مات ولم يقض، أحج عنه من ماله. وإن لم يمكنه، قال في التتمة: إن كان مريضا وقت خروج الناس، ولم يتمكن من الخروج معهم، أو لم يجد رفقة، وكان الطريق مخوفا لا يتأتى للآحاد سلوكه، فلا قضاء عليه، لان المنذور حج في تلك السنة، ولم يقدر عليه، وكما لا تستقر حجة الاسلام والحالة هذه. ولو صده عدو أو سلطان بعد ما أحرم حتى مضى العام، قال الامام: إذا امتنع عليه الاحرام للعدو، فالمنصوص: أنه لا قضاء. وخرج ابن سريج قولا: أنه يجب، وبه قال المزني. كما لو قال: أصوم غدا، فأغمي عليه حتى مضى الغد، يجب القضاء. والمذهب: الأول. ولو منعه عدو أو سلطان وحده، أو منعه رب الدين وهو لا يقدر على وفائه، لم يلزمه القضاء على الأظهر. ولو منعه المرض بعد الاحرام، فالمذهب وجوب القضاء، وبه قطع الجمهور، ولا ينزل منزلة الصد،