فرع تقدم في الخلطة خلاف في ثبوتها في الثمار والزروع، وأنها إن ثبتت، فهل تثبت خلطتا الشيوع والجوار، أم الشيوع فقط، والمذهب ثبوتهما معا؟
فإن قلنا: لا تثبتان، لم يكمل ملك رجل بملك غيره في إتمام النصاب، وإن أثبتناهما، كمل بملك الشريك والجار. ولو مات إنسان وخلف ورثة، ونخيلا مثمرة أو غير مثمرة، وبدا الصلاح في الحالين في ملك الورثة، فإن قلنا: لا تثبت الخلطة في الثمار، فحكم كل واحد منقطع عن غيره، فمن بلغ نصيبه نصابا، زكى، ومن لا، فلا، وسواء اقتسموا، أم لا. وإن قلنا: نثبت، قال الشافعي رحمه الله: إن اقتسموا قبل بدو الصلاح، زكوا زكاة الانفراد، فمن لم يبلغ نصيبه نصابا، فلا شئ عليه، وهذا إذا لم تثبت خلطة الجوار، أو أثبتناها وكانت متباعدة. أما إذا كانت متجاورة وأثبتناها، فيزكون زكاة الخلطة، كما قبل القسمة، وإن اقتسموا بعد بدو الصلاح، زكوا زكاة الخلطة، لاشتراكهم حالة الوجوب. ثم هنا اعتراضان.
أحدهما للمزني قال: القسمة بيع، وبيع الربوي بعضه ببعض جزافا لا يجوز، وبيع الرطب على رؤوس النخل بالرطب بيع جزاف، وأيضا فبيع الرطب بالرطب عند الشافعي لا يجوز بحال. أجاب الأصحاب بجوابين. أحدهما: قالوا:
الامر على ما ذكر إن قلنا: القسمة بيع، ولكن فرع الشافعي رحمه الله على القول الآخر أنها إفراز الثاني، وإن قلنا: القسمة بيع، فتتصور القسمة هنا من وجوه.
منها: أن يكون بعض النخيل مثمرا، وبعضها غير مثمر، فيجعل هذا هما، وذاك سهما، ويقسمه قسمة تعديل، فيكون بيع نخيل ورطب بنخل متمحض، وذلك جائز.
ومنها: أن تكون التركة نخلتين، والورثة شخصين، اشترى أحدهما نصيب صاحبه من إحدى النخلتين أصلها وثمرها بعشرة دراهم، وباع نصيبه من الأخرى لصاحبه بعشرة، وتقاصا. قال الأصحاب: ولا يحتاج إلى شرط القطع وإن كان قبل بدو الصلاح، لأن المبيع جزء شائع من الثمرة والشجرة معا، فصار كما لو باعها كلها بثمرتها صفقة، وإنما يحتاج إلى شرط القطع إذا أفرد الثمرة بالبيع.