والثاني: عبرة، ومعناه: أنه مجرد اعتبار للقدر، ولا يضر حق المساكين في ذمة المالك. وفائدته على هذا، جواز التصرف كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ومن فوائده أيضا: لو أتلف المالك الثمار، أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص، ولولا الخرص لكان القول قوله في ذلك. فإذا قلنا: عبرة، فضمن الخارص للمالك، حق المساكين تضمينا صريحا وقبله المالك، كان لغوا، ويبقى حقهم على ما كان.
وإذا قلنا: تضمين، فهل نفس الخرص تضمين، أم لا بد من تصريح الخارص بذلك؟ فيه طريقان. أحدهما: على وجهين. أحدهما: نفسه تضمين، والثاني:
لا بد من التصريح. قال إمام الحرمين: وعلى هذا فالذي أراه: أنه يكفي تضمين الخارص، ولا يحتاج إلى قبول المالك. والطريق الثاني وهو المذهب الذي عليه الاعتماد وقطع به الجمهور: أنه لا بد من التصريح بالتضمين وقبول المالك، فإن لم يضمنه أو ضمنه، فلم يقبل المالك، بقي حق المساكين على ما كان، وهل يقوم وقت الخرص مقام الخرص؟ إن قلنا: لا بد من التصريح بالتضمين، لم يقم، وإلا، فوجهان.
قلت: الأصح: لا يقوم. والله أعلم.
فرع إذا أصابت الثمار آفة سماوية، أو سرقت في الشجرة، أو في الجرين قبل الجفاف، فإن تلف الجميع، فلا شئ على المالك باتفاق الأصحاب لفوات الامكان، والمراد إذا لم يقصر. فأما إذا أمكن الدفع، فأخر، أو وضعها في غير حرز، فإنه يضمن. وإن تلف بعض الثمار، فإن كان الباقي نصابا، زكاه، وإن كان قبل دونه، بني على أن الامكان شرط في الوجوب، أو للضمان. فإن قلنا بالأول، فلا شئ، وإلا زكى الباقي بحصته. أما إذا أتلف المالك الثمرة أو أكلها، فإن كان قبل بدو الصلاح، فلا زكاة، لكنه مكروه إن قصد الفرار منها، وإن قصد الاكل أو التخفيف عن الشجرة، أو غرضا آخر، فلا كراهة، وإن كان بعد الصلاح، ضمن للمساكين.
ثم له حالان.