ولو اختلطت بحمام ناحية، جاز الاصطياد في الناحية. ولا يتغير حكم ما لا يحصر في العادة باختلاط ما يحصر به. وإن اختلط حمام أبراج مملوكة لا يكاد يحصر بحمام بلدة أخرى مباحة، ففي جواز الاصطياد منها وجهان. أصحهما:
يجوز، وإليه ميل معظم الأصحاب.
قلت: من أهم ما يجب معرفته، ضبط العدد المحصور، فإنه يتكرر في أبواب الفقه وقل من بينه، قال الغزالي في الاحياء في كتاب الحلال والحرام:
تحديد هذا غير ممكن، وإنما يضبط بالتقريب. قال: فكل عدد لو اجتمع في صعيد واحد، يعسر على الناظر عدهم بمجرد النظر، كالألف ونحوه، فهو غير محصور.
وما سهل كالعشرة والعشرين، فهو محصور وبين الطرفين أوساط متشابهة تلحق بأحد الطرفين بالظن. وما وقع فيه الشك، استفتي فيه القلب. والله أعلم.
فرع إذا انثالت حنطته على حنطة غيره، أو انصب مائعه في مائعه، وجهلا قدرهما، فليكن الحكم فيهما على ما ذكرنا في الحمام المختلط.
فرع لو ملك الماء بالاستقاء، ثم انصب في نهر، لم يزل ملكه منه، ولا يمنع الناس من الاستقاء، وهو في حكم اختلاط المحصور بغير محصور.
قلت: ولو اختلط درهم حرام، أو درهم بدراهمه ولم تتميز، أو دهن بدهن، أو نحو ذلك، قال الغزالي في الاحياء وغيره من أصحابنا: طريقه: أن يفصل قدر الحرام فيصرفه إلى الجهة التي يحب صرفه إليها، ويبقى الباقي له يتصرف فيه بما أراد. والله أعلم.
فصل في الاشتراك والازدحام على الصيد وله أربعة أحوال.
الأول: أن يتعاقب جرحان من اثنين.
فالأول منهما إن لم يكن مذففا ولا مزمنا، بل بقي على امتناعه، وكان الثاني مذففا أو مزمنا، فالصيد للثاني، ولا شئ على الأول بجراحته. وإن كان جرح الأول مذففا، فالصيد للأول، وعلى الثاني أرش ما نقص من لحمه وجلده. وإن كان جرح الأول مزمنا، فله الصيد به، وينظر في الثاني، فإن ذفف بقطع