وعسر التمييز، ففي التهذيب: أنه لو اختلطت حمامة واحدة بحماماته، فله أن يأكل بالاجتهاد واحدة واحدة حتى تبقى واحدة. كما لو اختلطت ثمرة الغير بثمره.
والذي حكاه الروياني: أنه ليس له أن يأكل واحدة منها حتى يصالح ذلك الغير أو يقاسمه. ولهذا قال بعض مشايخنا: ينبغي للمتقي أن يجتنب طير البروج، وأن يجتنب بناءها. ونقل الامام وغيره: أنه ليس لواحد منهما التصرف في شئ منها ببيع أو هبة لثالث، لأنه لا يتحقق الملك. ولو باع أحدهما أو وهب للآخر، صح على الأصح، وتحتمل الجهالة للضرورة.
ولو باعا الحمام المختلط كله أو بعضه لثالث، ولا يعلم كل واحد منهما عين ماله، فإن كان الاعداد معلومة كمائتين ومائة، والقيمة متساوية، ووزعا الثمن على أعدادهما، صح البيع باتفاق الأصحاب، وإن جهلا العدد، لم يصح، لأنه لا يعلم كل واحد حصته من الثمن. فالطريق أن يقول كل واحد: بعتك الحمام الذي لي في هذا البرج بكذا، فيكون الثمن معلوما. ويحتمل الجهل في المبيع للضرورة. قال في الوسيط: لو تصالحا على شئ، صح البيع واحتمل الجهل بقدر المبيع، ويقرب من هذا، ما أطلق في مقاسمتهما.
واعلم أن الضرورة قد تجوز المسامحة ببعض الشروط المعتبرة في العقود، كالكافر إذا أسلم على أكثر من أربع نسوة ومات قبل الاختيار، يصح اصطلاحهن على القسمة بالتساوي أو بالتفاوت مع الجهل بالاستحقاق، فيجوز أن تصح القسمة هنا أيضا بحسب تراضيهما، ويجوز أن يقال: إذا قال كل منهما: بعت مالي من حمام هذا البرج بكذا، والأعداد مجهولة، يصح أيضا مع الجهل بما يستحق كل واحد منهما، والمقصود أن ينفصل الامر بحسب ما يتراضيان عليه ولو باع أحدهما جميع حمام البرج بإذن الآخر، فيكون أصيلا في البعض ووكيلا في البعض، جاز، ثم يقتسمان الثمن.
فرع لو اختلطت حمامة مملوكة، أو حمامات بحمامات مباحة محصورة، لم يجز الاصطياد منها.