هو المذهب، وقطع به جمهور الأصحاب. سواء جوزنا نقل الصدقة، أم لا. وقال أبو حفص ابن الوكيل: هذا جائز، إن جوزنا نقل الصدقة، وإلا فيؤدي في كل بلد نصف شاة. والصواب: الأول. وعللوه بعلتين. إحداهما: أن له في كل بلد مالا، فيخرج فيها شاة منها، والثانية: أن الواجب شاة، فلا تشقيص.
ويتفرع عليهما، ما لو ملك مائة ببلد، ومائة ببلد آخر، فعلى الأول، له إخراج الشاتين في أيهما شاء، وعلى الثاني: لا يجزئه ذلك، وهو الأصح. وأما زكاة الفطر، إذا كان ماله ببلد، وهو بآخر، فأيهما يعتبر؟ وجهان. أصحهما: ببلد المالك.
قلت: ولو كان له من تلزمه فطرته وهو ببلد، فالظاهر أن الاعتبار ببلد المؤدى عنه. وقال في البيان: الذي يقتضي المذهب، أنه يبنى على الوجهين في أنها تجب على المؤدي ابتداء، أم على المؤدى عنه فتصرف في بلد من تجب عليه ابتداء. والله أعلم.
فرع أرباب الأموال صنفان.
أحدهما: المقيمون في بلد، أو قرية، أو موضع من البادية فلا يظعنون عنه شتاء ولا صيفا، فعليهم صرف زكاتهم إلى من في موضعهم من الأصناف، سواء فيه المقيمون والغرباء.
الثاني: أهل الخيام المنتقلون من بقعة إلى بقعة، فينظر، إن لم يكن لهم قرار، بل يطوفون البلاد أبدا، صرفوها إلى من معهم من الأصناف. فإن لم يكن معهم مستحق، نقلوه إلى أقرب البلاد إليهم عند تمام الحول. وإن كان لهم موضع يسكنونه وربما انتقلوا عنه منتجعين ثم عادوا إليه، فإن لم يتميز بعضهم عن بعض في الماء والمرعى، صرفوها إلى من هو دون مسافة القصر من موضع المال. والصرف إلى الذين يقيمون من هؤلاء بإقامتهم ويظعنون بظعنهم، أفضل لشدة جوارهم. وإن تميزت الحلة عن الحلة، وانفرد بالماء والمرعى، فوجهان. أحدهما: أنه كغير المتميزة. وأصحهما: أن كل حلة كقرية، فلا يجوز النقل عنها.