فرع ثم بعد الصلاتين، يذهبون إلى الموقف. والسنة، أن يقفوا عند الصخرات، ويستقبلوا الكعبة - والوقوف راكبا أفضل على الأظهر. والثاني: هو والماشي سواء - ويذكروا الله تعالى ويدعوه حتى تغرب الشمس، ويكثروا التهليل فإذا غربت الشمس، دفعوا من عرفات منصرفين إلى مزدلفة - ويؤخروا المغرب ليصلوها مع العشاء بمزدلفة، ويذهبوا بسكينة ووقار. فمن وجد فرجة أسرع. فإذا وصلوا المزدلفة، مع بهم الامام المغرب والعشاء.
وحكم الأذان والإقامة، سبق في باب الاذان. ولو انفرد بعضهم بالجمع بعرفة، أو بمزدلفة، أو صلى إحدى الصلاتين مع الامام، والأخرى وحده، جاز.
ويجوز أن يصل المغرب بعرفة، وفي الطريق. قال الشافعي رضي الله عنه: ولا يتنفلون بين الصلاتين إذ جمعوا، ولا على أثرهما. فأما بينهما، فلمراعاة الموالاة.
وأما على أثرهما، فقال ابن كج: لا يتنفل الامام، لأنه متبوع. فلو اشتغل بالنفل، لاقتدى به الناس، وانقطعوا عن المناسك. وأما المأموم، ففيه وجهان. أحدهما:
لا يتنفل كالامام. والثاني: الامر واسع له، لأنه غير متبوع. هذا في النافلة دون الرواتب. ثم أكثر الأصحاب، أطلقوا القول بتأخير الصلاتين إلى المزدلفة.
وقيل: يؤخرهما ما لم يخش فوت وقت الاختيار للعشاء. فإن خافه، لم يؤخر، بل يجمع بالناس في الطريق. والسنة: أن ينصرفوا من عرفة إلى المزدلفة عن طريق المأزمين، وهو الطريق بين الجبلين.
فرع من مكة إلى منى، فرسخان. ومزدلفة متوسطة بين منى وعرفات، منها إلى كل واحدة منهما فرسخ.
قلت: المختار: أن المسافة بين مكة ومنى، فرسخ فقط. كذا قاله جمهور العلماء المحققين، منهم الأزرقي، وغيره ممن لا يحصى. والله أعلم.
فرع في بيان الوقوف بعرفة المعتبر فيه، الحضور بعرفة لحظة، بشرط كونه أهلا للعبادة، سواء حضرها ووقف، أو مر بها. وفي وجه: لا يكفي المرور المجرد، وهو شاذ. ولو حضر بها، ولم يعلم أنها عرفة، أو حضر مغمى عليه، أو نائما، أو دخلها قبل وقت الوقوف، ونام حتى خرج الوقت، أجزأه على الصحيح.