وعن الشيخ (قده) في المبسوط اختيار هذا القول، حيث إنه قال:
كل موضع قلنا: فيه بملك البئر، فإنه أحق بمائها بقدر حاجته لشربه، وشرب ماشيته، وسقي زرعه، فإذا فضل بعد ذلك شئ وجب بذله بلا عوض لمن احتاج إليه، وقد علل ذلك بان المادة لا تزال من المشتركات العامة بين كل الناس، وانما حصل للمكتشف حق الأولوية بها بقدر حاجته، فإذا أشيع حاجته منها فقد انقطع حقه عنها نهائيا، وحينئذ يجوز للآخرين الانتفاع بها، وليس له حق المنع عنه، ولا مطالبة العوض.
وتدل على ذلك: موثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال:
نهى رسول الله (ص) عن النطاف والأربعاء - أن يسنى مسناة فيحمل الماء فيسقي به الأرض ثم يستغني عنه - قال: (فلا تبعه، ولكن أعره جارك، والنطاف ان يكون له الشرب فيستغني عنه يقول لا تبعه أعره أخاك أو جارك) (1).
وموثقة عبد الرحمن البصري عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال: والنطاف شرب الماء ليس لك إذا استغنيت عنه أن تبيعه جارك وتدعه له، والأربعاء: المسناة تكون بين القوم فيستغنى عنها صاحبها قال: (يدعها لجاره، ولا يبيعها إياه) (2).
فإنهما تدلان: على عدم جواز بيع ما يستغنى عنه من الماء، ووجوب اعارته.
وفي مقابلهما: مجموعة من الروايات التي قد صرح فيها بجواز البيع في هذا الفرض، وقد أشرنا إلى تلك الروايات سابقا ولا بأس