والآخر: انه نهى عن البيع في قبال الإعارة بمعنى ان من يريد ان يستعير منك الماء لا تضطره إلى الشراء، ولا تبعه عليه، بل أعره إياه مجانا، فإن كان النهي بالمعنى الأول وقعت المعارضة بينهما وإن كان بالمعنى الثاني فلا معارضة.
وعليه فينبغي ان يقال: إن ظهور المجموعة الدالة على الجواز بما انه أقوى من ظهور النهي عن البيع في المجموعة الأخرى في المعنى الأول - لو كان له ظهور في ذلك ولم يقل بتردده بين المعنيين أو ظهوره في الثاني - فيقدم عليه فتكون النتيجة من مجموع الطائفتين وجوب إعارة الزائد على الحاجة من القناة مجانا للاخر، وجواز بيعه المنتج لانتقال حق الاختصاص والأولوية إلى المشتري، ولا تنافي بين الامرين.
ولنأخذ بالنقد: على هذا الطريق، فان المجموعة الأولى من الروايات ظاهرة في الملازمة بين عدم جواز البيع ووجوب الإعارة بمعنى - ان المتفاهم منها عرفا هو ان وجوب إعارة الماء بعد الاستغناء عنه انما هو من ناحية عدم جواز بيعه فلو كان بيعه جائزا في هذه الحالة لم تجب اعارته جزما على أساس ان العرف يفهم الملازمة بين الامرين، وعليه فالتنافي بين هذه المجموعة بالإضافة إلى دلالتها على وجوب الإعارة وبين المجموعة الثانية من الروايات الدالة على جواز البيع موجود لدى العرف.
الا ان يقال: إنه لا تنافي بينهما على أساس ان متعلق الإعارة نفس الماء، ومتعلق البيع هو الحق المتعلق بالماء، فالواجب على المستغني إعارة نفس الماء لمن يكون بحاجة إليه، وهذا لا ينافي جواز بيع حقه المتعلق به، فاذن لا تنافي بين وجوب إعارة وجواز البيع.