البحوث السالفة من أن البيع أو ما شاكله لا يتوقف على كون المبيع ملكا للبائع، ومن هنا قلنا بصحة بيع المحيي الأرض على القول بكون عملية الاحياء تمنحه حقا فيها، دون الملك، وما نحن فيه كذلك.
فالنتيجة: ان القدر المتيقن من هذه السيرة هو ان العملية المزبورة انما تمنح العامل حقا فيه، دون الملك.
ودعوى: - ان السيرة ليست حجة بذاتها، وانما هي حجة باعتبار كشفها عن امضاء الشارع لها، ومن الطبيعي انه لا طريق لاكتشاف الامضاء الا من ناحية عدم ورود الردع من قبل الشارع وعليه فلا بد لدى الاستدلال بالسيرة من الجزم بعدم الردع عنها ليتحقق الجزم بالامضاء، وفي المقام لا يمكن الجزم به، فان ما ورد تارة بلسان: ان الناس شركاء في الماء، واخرى بلسان النهي عن بيع منع فضل الماء وثالثة بلسان النهي عن بيع القناة بعد الاستغناء عنها يؤدي على أقل تقدير إلى احتمال ورود الردع عنها، ومعه لا يمكن الجزم بالامضاء، وبدونه لا يمكن الحكم بحجيتها -.
خاطئة جدا في المقام، فان هذه الدعوى انما تتم فيما إذا كانت السيرة في مسألة لم تكن محلا للابتلاء بكثير ففي مثل ذلك تكفي الروايات المزبورة لاسقاط حجية السيرة وان لم تكن تامة سندا أو دلالة، إذ معها لا يمكن الجزم بحجيتها.
واما في المقام: فلا تتم تلك الدعوى، وذلك لأن تلك السيرة بما انها كانت متداولة بين الناس امام الرسول الأعظم (ص) وبعده امام الأئمة الاطهار (ع) إلى زماننا هذا فلا يمكن اسقاط حجيتها بالروايات المزبورة.