لما ذكرناه في ضمن البحوث السالفة من أنه لم يثبت اذن عام من الإمام (ع) بالتصرف في أراضي الدولة لكل فرد. ومن هنا قلنا إن عملية الاحياء إذا كانت من الكافر لم تنتج حقا فيها فضلا عن الملك، وكذا الحال بالإضافة إلى عملية الاستثمار والانتفاع في الأرض المزبورة، فإنها لا تمنحه حق الأولوية بالاستفادة منها. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: ان الكافر إذا أسلم على تلك الأرض طوعا فهل تركت بيده على أساس الصحيحة المتقدمة؟ فيه وجهان:
الظاهر هو الوجه الأول: وذلك لأن صدق الإضافة المزبورة لا يتوقف على أن تكون للكافر علاقة بها شرعا ولو على مستوى الحق، بل يكفي في صدقها أدنى مناسبة ولو كانت عرفية، ومن الطبيعي ان استغلال الكافر واستثماره لها وان لم يؤد إلى وجود حق فيها شرعا إلا أنه لا شبهة في أن ذلك يكفي لتحقق تلك الإضافة لدى العرف.
وان شئت قلت: ان الكافر بالرغم من أنه لا يملك أي حق فيها لدى الشرع يعتبر لدى العرف والعقلاء أولى من غيره وأحق بها من الآخرين، ومن الواضح ان هذه الأولوية كافية لصحة الإضافة المزبورة على أساس ان الإضافة في الصحيحة انما هي باعتبار من العرف هذا إضافة إلى أن سيرة النبي الأكرم (ص) قد استقرت على ترك الأراضي - التي كانت موردا لانتفاع الكفار بها واستفادتهم عنها إذا أسلموا عليها طوعا - بأيديهم وان لم تكن لهم أية علاقة بها شرعا.
واما الفرض الثالث: - وهو صورة الجهل بالتاريخ - فقد ظهر مما ذكرناه ان الأصل يجري في كل من الحادثين في زمان الآخر في حد نفسه، حيث إنه يترتب على استصحاب عدم تشريع ملكية الأنفال للإمام (ع) إلى زمان استغلال الكافر لتلك الأرض واستثماره لها