أما الوجه الأول فلأن غير الشيعة من طوائف المسلمين بما انهم يرون على ضوء منهجهم الفقهي أن خلافة هؤلاء الخلفاء والسلاطين كانت على حق نظرا إلى أن هؤلاء كانوا لديهم من ولاة الامر الذين قد أمر في الآية الكريمة بلزوم اتباعهم فلا محالة تكون تصرفاتهم في تلك الأراضي بتقبيل وإجارة ونحو ذلك نافذة عندهم وعن استحقاق، بدون حاجة إلى تلك النصوص وأما الشيعة فبما أن نسبتهم إلى تلك الطوائف في ذلك العصر كانت في غاية القلة فلا يلزم من عدم نفوذ تصرفاتهم في حقهم تعطيل الأرض.
وبذلك يظهر حال الوجه الثاني، فان غير الشيعة من الطوائف - بما انهم كانوا معتقدين ان النظام الموجود في عصر هؤلاء الخلفاء هو النظام الذي قد أمر في الاسلام باتباعه - يرون أنفسهم ملزمين بوجوب العمل على وفق ذلك النظام، وعدم جواز مخالفته، بدون حاجة إلى النصوص المزبورة. وأما الشيعة فبما انهم كانوا قليلين فلا يلزم من عدم عملهم على وفق النظام المزبور الهرج والمرج والتعدي على حقوق الآخرين، على أنهم لا يتمكنون من المخالفة جهرا.
فاذن يتعين الوجه الثالث - وهو ان إمضاء الإمام (ع) في تلك النصوص انما هو يقوم على ضوء أن يتيح الفرصة لهم لممارسة حقوقهم فيها واستنقاذها - حيث إن لهم حقا فيها، كما يظهر من بعض الروايات، فلو لم يمض الإمام (ع) ذلك لضاع حقهم فيها على أساس انهم لا يتمكنون من ممارستها واستنقاذها بطريق آخر.