واما جريانها بين العامة فهو انما يقوم على أساس منهجهم في الفقه الاسلامي كما عرفت.
فالنتيجة: ان هذه السيرة ليست سيرة تعبدية، لتكون كاشفة عن الاذن.
قد يقال: كما قيل: إنه يكفي في القيام باحياء الأرض وعمارتها اذن الله تعالى باعتبار انه سبحانه مالك الملوك، ولا يلزم مع ذلك اذن من مالكها الشرعي لا عموما ولا خصوصا.
وتشهد على ذلك: معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال:
قال رسول الله (ص): (من غرس شجرا أو حفر واديا لم يسبقه إليه أحد، أو أحيى أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله) (1).
ببيان ان هذه المعتبرة ظاهرة في أن احياء الأرض إذا كان باذنه تعالى كان موجبا لتملك المحيي لها، من دون حاجة إلى اذن من مالكها الشرعي.
ونظير ذلك: تملك اللقطة إذا لم تكن ذات علامة أو بعد التعريف إذا لم يوجد صاحبها، فان تملكها انما هو بإذن الله تعالى، لا بإذن مالكه، وكذا الحال في حق المارة فإنه إنما يكون باذنه تعالى مع عدم اذن مالكه في التصرف فيه.
ويرده: انه لا شبهة في كفاية اذن الله تعالى على أساس انه سبحانه مالك حقيقي للأشياء، الا ان الكلام انما هو في اثبات ذلك، ولا يمكن اثباته بالمعتبرة المذكورة، فان المراد من القضاء فيها ليس هو اذنه تعالى في القيام باحياء الأرض، بل المراد منه تشريع سببية عملية الاحياء لمنح المحيي حقا في الأرض، كما هو الظاهر منها.