الفسق يشك في بقاء جواز الحكم أو وجوبه استنادا إلى تلك الشهادة الواقعة مع الشرائط، فيستصحب، ومعه لا مجال للرجوع إلى أصالة عدم الحجية.
مع أن الشك فالحجية مسبب عن الشك في اشتراط العدالة حال الحكم والأصل عدم اشتراطها.
وأما قوله: وربما شهد لذلك استفاضة النصوص برد شهادة الفاسق مثلا، بخلاف المجنون والمغمى عليه الراجعين في الحقيقة إلى كونهما كالميت الذي ليس له شهادة حال موته، فيبقى حكم شهادته الأولى على حالها، بخلاف الفاسق وغيره مما ورد في النصوص رد شهادته الشامل لهما بعد الإقامة قبل الحكم بها، وإلا لزم جواز الحكم بها قبل الإقامة لو فرض أنه حملها لغيره عدلا ثم فسق ثم بعد ذلك أقامها الفرع وهو معلوم الفساد، وليس إلا لاعتبار مقارنة جامعية العدالة ونحوها للشهادة حال الحكم، ولا يكفي الحال السابق.
فيمكن أن يقال فيه بأنه لا أثر للبحث عن اقتضاء الفسق للرد أو مانعيته للقبول، بل لا بد من لحاظ دليل شهادة الفاسق، فإن كان له اطلاق ليشمل حال الحكم فهو وإلا فلا. وأما جواز الحكم بها قبل الإقامة لو فرض أنه حملها لغيره عدلا ثم فسق ثم بعد ذلك أقامها الفرع فغير لازم، للفرق بين المقامين، إذ مع الفسق قبل الإقامة يصدق استناد الحاكم إلى شهادة الفاسق الفعلي، وهو نظير ما إذا جاء الفاسق إلى الحاكم وقال: قد تحملت الشهادة في حال العدالة وأنا الآن فاسق.
فالعمدة النظر في حد دلالة تلك النصوص. وما دل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يرسل من يسأل عن حال الشخص في بلده ظاهر في الفحص عن حال الشاهدين في وقت أداء شهادتهما، لا للوقوف على بقائهما