وليس إلا الأدلة المزبورة فالمتجه عدم تبعض أحكام الموضوع الواحد، خصوصا بعد قوله تعالى: فإذ لم يأتوا بالشهادة فأولئك عند الله هم الكاذبون.
الظاهر في عدم ثبوت الموضوع أصلا بدونهم، لا أنهم كاذبون بالنسبة إلى الحد دون غيره.
أي: أنه لا يوجد عندنا دليل على أن الشهادة على الشهادة بالاقرار طريق لثبوت الزنا من حيث نشر الحرمة، وليس طريقا لثبوته من حيث الحد، بل الدليل لقبول الشهادة على الشهادة لسانه واحد وهو ثبوت الزنا، فيترتب عليها جميع آثاره خصوصا بعد الآية الكريمة الظاهرة في الشهادة عن أصل الزنا لا عن الزنا من حيث الحد وحيث لا يثبت الزنا فلا حد ولا نشر للحرمة.
ثم قال: نعم قد يقال بنحو ذلك فيما نحن فيه، لظهور الأدلة في اثبات شهادة الفرع شهادة الأصل في غير الحد، فيتجه حينئذ التبعيض فيها، لا في أصل الزنا لو فرض حصول شاهدين. فتأمل جيدا.
أي: أنا لا نقول كما قال صاحب المسالك وغيره، بل نقول بأن الشهادة على الشهادة بالزنا نظير الشهادة على الشهادة بالاقرار، فإن الفرع يريد اثبات شهادة الأصل على الزنا، كما يريد الفرع اثبات شهادة الأصل على الاقرار. فكما أن ثبوت الاقرار أعم من وجود الزنا وعدمه كذلك وجود الشاهد عليه أعم من تحقق الزنا منه وعدمه. إذن يثبت التبعيض مع الشهادة على الشهادة بالزنا.
أقول: وكيف كان فإن الغرض من ثبوت الزنا اثبات حكمه وترتيب آثاره، لكن للشارع أن يرفع اليد عن بعض الآثار دون البعض الآخر، وقد قام الدليل على رفعه اليد عن الحد، وبقيت الآثار الأخرى تحت اطلاقات أدلة قبول الشهادة على الشهادة.
وعلى كل حال في المسالك: إن كانت الشهادة على الاقرار كفى اثنان