ثم أشكل على هذا الاستدلال بقوله: والانصاف أن هذه الوجوه لا تنهض لاثبات التحريم، مع كونه أخص من المدعى، إذ قد لا يتحقق شئ من المذكورات في التشبيب، بل وأعم منه من وجه فإن التشبيب بالزوجة قد يوجب أكثر المذكورات.
أقول: إنه لا دليل على حرمة التشبيب بعنوانه، فينبغي الاقتصار على المورد الذي يتحقق فيه شئ من العناوين المذكورة والمتيقن من ذلك هو الشعر المتضمن لمحاسن المرأة الأجنبية ونشره أو انشاده للغير، وهذا هو المتعارف بين أراذل الناس وأفواه السفلة.
وحينئذ فلو فعل ذلك بالنسبة إلى غلام حرم كذلك. فالتقييد بالمرأة لا وجه له. وكذا يحرم لو كان بالنسبة إلى حليلته، ولكن التقييد بغير المحللة لا حاجة إليه، لأن أحدا من ذوي الغيرة لا يتشبب عادة بزوجته وحليلته عند غيره، بل قد لا يكتب الشعر في ورقة مخافة أن تقع بيد الغير.
وعلى هذا فلو أنشأ شعر تضمن تشبيبا بامرأة معروفة غير محللة لكنه أخفاه عن غيره، بل محاه أو مزق الورقة المكتوب عليها لم ينطبق شئ من الوجوه المذكورة ولا بد من دليل خاص يدل على حرمته، اللهم إلا أن يدعى انطباق عناوين (اللهو) و (الباطل)) و (الفحشاء) و (عدم العفاف) ونحو ذلك مما ذكره الشيخ للاستدلال على الحكم بعد الاشكال في الاستدلال بما ذكروه، لكن الانصاف أن هذه الوجوه أيضا لا تنهض لاثبات التحريم لما ذكرناه.
فظهر أنه إن أذاع الشعر ونشره ثبتت الحرمة سواء كان بالمرأة أجنبية أو حليلة، أو بغلام، لانطباق الوجوه التي ذكرها القوم، وإلا فلا حرمة لا من جهة تلك الوجوه، ولا من جهة ما ذكره الشيخ، اللهم إلا صدق عنوان (اللهو) و (الباطل) ونحوهما، بناء على شمولها لذلك، لكن فيه أنه إذا تم ذلك لزم الحكم بحرمة