المفيد، محمد بن محمد بن النعمان (1)، والسيد المرتضى (2)، وغيرهما من الجلة المشيخة رحمهم الله.
وهو الصحيح الذي يقتضيه الأدلة القاهرة، لأن الأصل براءة الذمة، وإدخال الضرر على الحيوان قبيح، عقلا وسمعا إلا ما خرج بالدليل، ولا يرجع في ذلك إلى أخبار شاذة لا يعضدها كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، لأنا قد بينا أن الإجماع غير حاصل، ولا منعقد على ذلك.
فأما التلوط بالإيقاب، فلا خلاف بين أصحابنا أن حده ما ذكرناه، سواء كان الفاعل والمفعول، حرا أو عبدا، مسلما أو كافرا، محصنا أو غير محصن، وعلى كل حال بعد أن يكون عاقلا.
وإذا تلوط رجل عاقل بصبي لم يبلغ، كان عليه الحد كاملا وعلى الصبي التأديب، فإن كان الصبي هو الفاعل بالرجل، كان على الصبي التأديب أيضا، وعلى الرجل المفعول به الحد كاملا.
وإذا تلوط صبي بصبي مثله، أدبا جميعا، ولم يجب على واحد منهما الحد.
وإذا كان لرجل عبد، فتلوط به، كان عليه وعلى العبد جميعا الحد كاملا، فإن ادعى العبد على سيده أنه أكرهه على ذلك، درأ الحد عنه، وأقيم على سيده، لأن هاهنا شبهة الرق، وقد قال عليه السلام إدرأوا الحدود بالشبهات (3).
فإن زنى مملوك بمولاته، أقيم عليهما جميعا الحد، فإن ادعى الإكراه منها له على الفعال، فلا يقبل منه ولا يصدق، ولا يدرأ الحد عنه، لأن ما هاهنا شبهة، وليس هذا كالأول.
إذا تلوط عاقل بمجنون، أقيم الحد عليه، ولم يكن على المجنون شئ، فإن لاط مجنون بعاقل، كان على العاقل الحد كاملا، وليس على المجنون شئ بحال، سواء كان فاعلا أو مفعولا به.