الكفارة.
وجملة الأمر، وعقد الباب أن ما فيه الكفارة، فهو أن يحلف على أن يفعل أو يترك، وكان الوفاء به إما واجبا أو ندبا، أو كان فعله وتركه سواء، فمتى خالف، كان عليه الكفارة.
ومتى حلف الإنسان على شئ يدفع به أذى عن نفسه، أو عن مؤمن كان له فيه أجر (1) ولم يكن عليه في ذلك كفارة.
والسلطان الجائر إذا استحلف أعوانه على ظلم المسلمين، فحلفوا له، لم يجز لهم الوفاء به، بل يجب عليهم ترك الظلم، ولا كفارة عليهم.
ومن كان عليه دين لا يجد إلى قضائه سبيلا لإعساره، فقدمه صاحب الدين إلى حاكم، يعلم أنه متى أقر عنده حبسه، وأضر به وبأهله، جاز له جحده والحلف عليه، بعد أن ينوي قضاؤه عند التمكن منه، ويوري في يمينه، ولا إثم عليه، ومعنى التورية أنه يبطن بخلاف ما يظهر إذا حلف، بأن يقول: " والله مالك عندي شئ " ويبطن في ضميره " تستحق المطالبة به الآن " وهو صادق في ذلك لأنه ليس له المطالبة به الآن، لقوله تعالى " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة " (2).
ولا يجوز لصاحب الدين أن يعرضه لليمين، مع علمه بإعساره، ولا يحل له حبسه مع إحاطة علمه بعجزه، فإن حبسه حينئذ كان مأثوما.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته، ومن وهب له أحد والديه شيئا، ثم مات الواهب، وطالبه الورثة بذلك الشئ، جاز له أن يحلف إنه كان اشتراه، وأعطى ثمنه، ولم يكن عليه كفارة ولا إثم (3).
قال محمد بن إدريس رحمه الله هذا غير واضح. أما إذا طالبه الورثة بذلك الشئ، فأقر لهم به، أو قامت لهم بينة بأنه للميت، فلهم انتزاعه وعوده تركة، فإن ادعي أنه اشتراه من والده، فقوله غير مقبول، والقول قول الورثة، إلا أن يردوا عليه