والوجه في هذه الرواية، أن يكون أولياء الأول اختاروا استرقاقه ورضوا بذلك، وعفوا عن قتله، فحينئذ يصير مملوكا لهم، فإذا قتل الثاني، صار مملوكا، لأوليائه إن اختاروا ذلك، وإلا لهم قتله، ولا يدخل في ملك واحد من القبيلين بغير اختياره، فأما إذا لم يختر أولياء الأول استرقاقه، ولا عفوا عن قتله، ثم قتل الثاني، فمن سبق إلى قتله، كان له ذلك، لقوله تعالى " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (1) فليلحظ ذلك.
وإلى ما حررناه واخترناه ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في الجزء الثالث من الإستبصار (2)، وعاد عما أطلقه، في نهايته (3)، وذهب إليه إلا أنه لما أورد الرواية التي فيها أنه لأولياء الأخير من المقتولين، قال هذا الخبر ينبغي أن نحمله على أنه إنما يصير لأولياء الأخير، إذا حكم بذلك الحاكم، فأما قبل ذلك، فإنه يكون بين أولياء الجميع.
قال محمد بن إدريس رحمه الله وأي فائدة وأثر في الحاكم وحكمه، إن أراد رحمه الله بقوله حكم الحاكم - ثبت (4) عنده، فما يكون الأحكام إلا بعد ثبوتها، وإن أراد حكم الحاكم باسترقاق العبد القاتل، فلا حكم للحاكم في ذلك، ولا مدخل ولا قول، بل الاختيار في ذلك إلى الأولياء، بين القتل والاسترقاق، ولا مدخل للحاكم في ذلك (5).
ومتى قتلهما بضربة واحدة، أو جناية واحدة، كان بين أوليائهما على ما حررناه، وليس على مولاه أكثر من تسليمه إليهما.
ومتى جرح عبد حرا فإن شاء الحر أن يقتص منه، كان له ذلك، فإن شاء أخذه إن كانت الجراحة تحيط برقبته، وإن كانت لا تحيط برقبته، افتداه مولاه، فإن أبى مولاه ذلك، كان للحر المجروح من العبد بقدر أرش جراحته، والباقي لمولاه، يباع العبد، فيأخذ المجروح حقه، ويرد الباقي على المولى.