ولا يجوز للمولى أن يمسكه ويطالب بقيمته، بل هو بالخيار بين أن يأخذ قيمته ويسلمه إلى الجاني يكون رقا له وبين أن يمسكه ولا شئ له، لئلا يجمع بين البدل والمبدل.
وليس كذلك إذا جنى الحر على العبد، بما هو دون ثمنه، وديته التي هي قيمته، فإنه عند هذه الحال لا يكون صاحبه في دفعه إلى الجاني بالخيار، بل له دية ما جرحه وقطعه، ويمسك عبده.
فأما إذا قطع رجل يد عبد، وقطع رجل آخر يده الأخرى، فالذي يقتضيه مذهبنا وأصوله، أن سيده لا يكون هاهنا بالخيار في إمساكه، ولا شئ له على القاطعين، وبين تسليمه إليهما، وأخذ قيمته منهما، بل يكون له على كل واحد منهما نصف قيمته، ولا يجب عليه تسليمه إليهما، بل هو له.
وحمل ذلك على القاطع الواحد قياس، ونحن لا نقول به، بل نقف ونأخذ بعين ما ورد لنا في ذلك.
وقال شيخنا في مبسوطه وإن قطع يدي عبد، كان عليه كمال قيمته، وتسليم العبد عندنا، وإذا قطع رجل رجل عبد، والآخر يده كان عليهما كمال قيمته، على كل واحد منهما نصفه، ويمسك المولى العبد هاهنا بلا خلاف، وفي الأول خلاف وفيهم من سوى بين المسألتين فجعل العبد بين الجانبين وهو الأقوى هذا آخر كلامه (1).
قال محمد إدريس رحمه الله ما قواه أضعف من التمام، بل الأول، الصحيح.
وقد روي أنه متى قتل عبد حرين، أو أكثر منهما، أو جرحهما جراحة تحيط بثمنه، واحد بعد الآخر، كان العبد لأولياء الأخير لأنه إذا قتل واحدا يصير لأوليائه، وإذا قتل الثاني انتقل إلى أولياء الثاني، ثم هكذا بالغا ما بلغ (2).