ديته، ولا يجوز مؤاخذتهم بها مع وجود القاتل (1).
قال محمد بن إدريس هذا غير واضح، لأنه خلاف الإجماع وظاهر الكتاب، والمتواتر من الأخبار، وأصول مذهبنا، وهو أن موجب القتل العمد، القود، دون الدية، على ما كررنا القول فيه بلا خلاف بيننا، فإذا فات محله وهو الرقبة، فقد سقط لا إلى بدل، وانتقاله إلى المال الذي للميت، أو إلى مال أوليائه، حكم شرعي يحتاج مثبته إلى دليل شرعي، ولن يجده أبدا، وهذه أخبار آحاد شواذ أوردها شيخنا في نهايته إيرادا لا اعتقادا لأنه رجع عن هذا القول في مسائل خلافه وأفتى بخلافه وهو الحق اليقين.
فقال مسألة إذا قتل رجل رجلا، ووجب القود عليه، فهلك القاتل قبل أن يستقاد منه، سقط القصاص إلى الدية، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يسقط القصاص لا إلى بدل، دليلنا قوله عليه السلام - لا يطل دم امرئ، مسلم - (2) فلو أسقطناه لا إلى بدل، لأطلنا دمه، ولو قلنا بقول أبي حنيفة لكان قويا، لأن الدية لا تثبت عندنا إلا بالتراضي بينهما، وقد فات ذلك، هذا آخر كلامه رحمه الله (3).
ويجب على القاتل العمد، أن يتوب إلى الله تعالى مما فعله، وحد التوبة أن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول، فإما أن يستقيدوا منه، أو يعفوا عنه، أو يقبلوا الدية، أو يصالحهم على شئ يرضون به عنه، ثم يعزم بعد ذلك على أن لا يعود إلى مثل ما فعل في المستقبل، ويعتق بعد ذلك رقبة، ويصوم شهرين متتابعين، ويطعم ستين مسكينا، فإذا فعل ذلك كان تائبا، على ما رواه (4) أصحابنا، هذا مع قدرته على كفارة الجمع المقدم ذكرها.
فإذا لم يقدر على شئ منها، أو على (5) بعضها، فعله ولا شئ عليه، وصحت