معنى قوله عليه السلام " مات ميتة جاهلية " المراد به أن أهل الجاهلية ما كانوا يرون الوصية، فإذا لم يوص المسلم، فقد عمل كعملهم، وشابههم، أو من تركها معتقدا إنها غير مشروعة ولا مسنونة، فهذا جاحد للنص القرآني، حكمه حكم الكفار المرتدين.
وروي عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: من أوصى ولم يحف، ولم يضار كان كمن صدق به في حياته (1).
وقال ما أبالي أضررت بورثتي أو سرفتهم ذلك المال (2).
سرفتهم بالسين غير المعجمة والراء غير المعجمة المكسورة، والفاء، ومعناه أخطأتهم، وأغفلتهم، لأن السرف الإغفال، والخطأ، وقد سرفت الشئ بالكسر، إذا أغفلته وجهلته، وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب، وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم فقيل له في ذلك، فقال مررت بكم، فسرفتكم، أي أخطأتكم وأغفلتكم، ومنه قول جرير.
أعطوا هنيدة تحدوها ثمانية * ما في عطائهم من ولا سرف أي إغفال وخطأ، أي لا يخطئون موضع العطاء، بأن يعطوه من لا يستحق، ويحرموه المستحق، هكذا نص عليه جماعة أهل اللغة، ذكره الجوهري في كتاب الصحاح، وأبو عبيد الهروي في غريب الحديث، وغيرهما من اللغويين.
فأما من قال: في الحديث، " سرقتهم ذلك المال " بالقاف، فقد صحف، لأن سرقت لا يتعدى إلى مفعولين، إلا بحرف الجر، يقال سرقت منه مالا، وسرفت بالفاء يتعدى إلى مفعولين بغير حرف الجر، فليلحظ ذلك.
وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يحسن وصيته عند الموت، كان ذلك نقصا في مروته وعقله (3).
فينبغي للمرء المسلم أن يتحرز من خلاف الله عز وجل وخلاف رسوله