وهذه الرواية لا يلتفت إليها، ولا يعرج عليها، لأنها مخالفة لأصول المذهب، لأنا قد بينا بغير خلاف بيننا، أن سؤر الكفار نجس، ينجس المايع بمباشرته، والأدلة لا تتناقض، وبإزاء هذه الرواية روايات كثيرة بالضد منها، وأيضا الإجماع على خلافها.
قال السيد المرتضى في انتصاره، مسألة، ومما انفردت به الإمامية، إن كل طعام عالجه الكفار من اليهود والنصارى، وغيرهم، ممن ثبت كفرهم بدليل قاطع، فهو حرام لا يجوز أكله، ولا الانتفاع به، وخالف باقي الفقهاء في ذلك، وقد دللنا على هذه المسألة في كتاب الطهارة حيث دللنا على أن سؤر الكفار نجس، لا يجوز الوضوء به، واستدللنا بقوله تعالى " إنما المشركون نجس " (1) واستقصيناه، فلا معنى لإعادته هذا آخر كلام المرتضى رضي الله عنه. (2) ولا يجوز أكل شئ من الطين على اختلاف أجناسه، سواء كان أرمنيا، أو من طين البحيرة، أو غير ذلك، إلا طين قبر الحسين عليه السلام فإنه يجوز أن يؤكل منه اليسير، للاستشفاء فحسب، دون غيره، ولا يجوز الإكثار منه، ولا الإفطار عليه يوم عيد الفطر، على ما ذهب إليه شيخنا أبو جعفر في مصباحه (3)، إلا أنه عاد عنه في نهايته، فإنه قال ولا يجوز أكل شئ من الطين على اختلاف أجناسه، إلا طين قبر الحسين عليه السلام، فإنه يجوز أن يؤكل منه اليسير للاستشفاء به (4).
ولا بأس أن يأكل الإنسان من بيت من ذكره الله تعالى في قوله، " ليس عليك جناح أن تأكلوا " (5) الآية، بغير إذنه، إذا دخل البيت بإذنه، سواء كان المأكول مما يخشى عليه الفساد، أو لا يخشى ذلك عليه، ما لم ينهه عن الأكل، وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يؤكل إلا ما يخشى عليه الفساد والأول هو الظاهر، ولا يجوز أن يحمل معه شيئا، ولا إفساده.