فالأول، ويكون النقصان داخلا على ما ذكر أخيرا، ففقهه ما ذكرناه، فليحظ ويتأمل ويعمل فيه بما قررناه.
والذي يدلك على ما حررناه، ما ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مبسوطه، ومسائل خلافه.
فإنه قال في مبسوطه: إذا أوصى الرجل بثلث ماله، ثم أوصى لآخر بثلث ماله، فهاتان وصيتان بثلثي ماله، وهكذا إذا أوصى بعبد بعينه لرجل، ثم أوصى لرجل آخر بذلك العبد بعينه، فهما وصيتان، ويكون الثاني رجوعا عن الأولى، ومنهم من قال لا يكون رجوعا، وفيه خلاف، فمن قال ليس برجوع، قال ينظر فإن أجاز الورثة، يكون لكل واحد منهما ثلث ماله، وكذلك نقول، ومن قال هو رجوع، فإن أجازوه قالوا المال بينهما نصفان، وإن لم يجيزوه نظرت، فإن كان قيمة العبد قدر الثلث، فإنه يكون بينهما، ولا يحتاج إلى إجازة الورثة، وإن كان قيمة العبد أكثر من الثلث، فللوراث أن يمنعوا الزيادة على الثلث، فأما الثلث فلا، ويكون الثلث بينهما نصفين، هذا إذا قبلا جميعا الوصية وإن رد أحدهما وقبل الآخر، فإن جميع الثلث لمن قبل، لأنه قد أوصى لكل واحد منهما بجميع الثلث، وعلى ما قلناه " من أن في الثاني رجوعا عن الأول " ينظر، فإن رجع الأول فلا تأثير لرجوعه، لأن الوصية له قد بطلت بالوصية للثاني، وإن رجع الثاني ولم يقبلها، رجع المال إلى الورثة، لأن الوصية للأول كانت قد بطلت بالوصية للثاني، هذا آخر كلامه في مبسوطه (1).
وقال رحمه الله في موضع آخر، في هذا الفصل في مبسوطه، أيضا، فأما العطية المؤخرة، إذا أوصى بعتق، أو أوصى بمحاباة دفعة واحدة، نظرت، فإن لم يكن فيه عتق، فإنه يسوى بينهم، لأن حال استحقاق وجوبه واحدة، وهو بعد الموت، فإن خرج كله من الثلث، صح الكل، وإن لم يخرج من الثلث عندنا، يقدم الأول فالأول ويدخل النقص على الأخير، وإن اشتبهوا أقرع بينهم، وعند المخالف يقسط عليهم، فهذا آخر كلامه (2).