من هذه الجهة حمل قول الباقر عليه السلام على بعض المحامل المذكورة ولا ينافي سقوط التكليف كون المتعرض مثابا مأجورا كما حكي تعرض النهدي في مجلس معاوية وقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما قال في حقه وكذلك حال أبي ذر وعمار رضوان الله تعالى عليهما.
نعم يمكن أن يقال المقام من باب المزاحمة فبعض المنكرات ليس بحيث لا ينهى عنه بمجرد ضرر قابل للتحمل سواء كان ماليا أو عرضيا ألا ترى أن وجوب الحج لا يرتفع من جهة الضرر القابل للتحمل كما كان في الأعصار السابقة يأخذون من أموال الحجاج بعنوان الأخوة.
ثم إنه حكي عن الشيخ البهائي - قدس سره - أنه حكى عن بعض العلماء زيادة أنه لا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بعد كون الآمر والناهي مجتنبا عن المحرمات وعدلا لقوله تعالى " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " وقوله تعالى " لم تقولون ما لا تفعلون " وقوله تعالى " كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ".
وقول الصادق عليه السلام في خبر محمد بن عمر المروي عن الخصال وعن روضة الواعظين " إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كان فيه ثلاث خصال: عامل بما يأمر به، تارك لما ينهى عنه - الخ " (1).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة " وأمروا بالمعروف وائتمروا به وانهوا عن المنكر وانتهوا عنه وإنما أمرنا بالنهي بعد التناهي " (2).
وفي الخبر ولا يأمر بالمعروف من قد أمر أن يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد أمر أن ينهى عنه على أن هداية الغير فرع الاهتداء والإقامة فرع الاستقامة وأجيب بأن الأول إنما يدل على ذم غير العامل بما يأمر به لا على عدم الوجوب عليه واحتمال الثاني اللوم على قول فعلنا أو ما يدل على الفعل ولا فعل والثالث الإشارة إلى