جامع المدارك - السيد الخوانساري - ج ٥ - الصفحة ٢١٠
ولو قصورا فإن حديث " على اليد " لا يفرق بين صورة الغصب وغيرها.
وربما يؤيد القول المشهور أعني لزوم الرد ولو تضرر الغاصب بقوله عليه السلام " لا حرمة لعرق ظالم " بالإضافة أو بالتوصيف، ويمكن أن يقال: تارة يكون الحكم في نفسه ضرريا كوجوب الجهاد مع اجتماع الشرائط فمثله لا يرفع بقاعدة نفي الضرر لأنه يلزم نفي تشريعه مع أن التشريع محقق وأخرى يكون ضرريا في الجملة فمثل هذا لا يوجب عدم توجه قاعدة نفي الضرر إليه بلغ الضرر ما بلغ هذا مع أنه قد يتوجه وجوب الرد إلى الحاكم أو عدول المؤمنين بأن يتصرف في مال القاصر كالمجنون أو الصغير أو الغائب فهل يجب عليهم أن يتصرفوا في مال القاصر بلغ ما بلغ لرد العين المتصرف فيها بغير حق.
وأما صورة تعسر رد العين المغصوبة فالمعروف أيضا وجوب الرد وتحمل المشقة بل ادعي الاجماع عليه وقد يعلل في بعض الكلمات بأن الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال مع أن الظاهر أنه ليس خبرا وغالب أحكام المغصوب مشترك بين المغصوب والمال المأخوذ بغير حق كالمأخوذ بالعقد الفاسد جهلا وكأنهم قدموا أحكام الغصب على قاعدة نفي الحرج مع أن دليل القاعدة حاكم بالنسبة إلى أدلة الأحكام الثابتة للعناوين الأولية هذا مع أنه لم يظهر وجه لما ذكر من تضرر المالك فإنه مع رد المثل في المثليات ورد القيمة في القيميات أي ضرر يتوجه إلى المالك المغصوب منه بل المعارضة بين دليل قاعدة السلطنة وقاعدة نفي الضرر، ودليل نفي الضرر حاكم على دليل قاعدة السلطنة.
ولو عاب ضمن الأرش ويدل عليه صحيحة أبي ولاد الواردة في كراء البغلة (1) والمسافرة معها بغير إذن صاحب البغلة وغيرها من الأدلة.
ولو تلف العين المغصوبة أو تعذر العود مع بقاء العين ضمن المثل إن كان

(١) في الكافي ج ٥ ص ٢٩٠ - 291: " عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط قال: اكتريت بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا وخرجت في طلب غريم لي فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت أن صاحبي توجه إلى النيل فتوجهت نحو النيل فلما أتيت النيل خبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد فأتبعته وظفرت به وفرغت به وفرغت مما بيني وبينه ورجعنا إلى الكوفة وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما فأخبرت صاحب البغل بعذري وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وأرضيه فبذلت له خمسة عشر درهما فأبى أن يقبل فتراضينا بأبي حنيفة فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال لي: وما صنعت بالبغل؟ فقلت: قد دفعته إليه سليما، قال نعم بعد خمسة عشر يوما فقال: ما تريد من الرجل؟ قال: أريد كرى بغلي فقد حبسه على خمسة عشر يوما، فقال: ما أرى لك حقا لأنه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد فضمن قيمة البغل وسقط الكرى، فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكرى، قال: فخرجنا من عنده وجعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته مما أفتى به أبو حنيفة فأعطيته شيئا وتحللت منه فحججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام بما أفتى به أبو حنيفة فقال: في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها، قال: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: فما ترى أنت قال: أرى له عليك مثل كرى بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كرى بغل راكبا من النيل إلى بغداد ومثل كرى بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه قال: فقلت: جعلت فداك إني قد علفته بدراهم فلي عليه علفه، فقال: لا لأنك غاصب، فقلت: أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته، قلت فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر (غمز - خ ل) فقال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه، قلت: فمن يعرف ذلك، قال: أنت وهو إما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك، فإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكري كذا وكذا فيلزمك، قلت إني كنت أعطيته دراهم ورضى بها وحللني، فقال: إنما رضى بها وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به فإن جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك، قال أبو ولاد فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبو عبد الله عليه السلام وقلت له: قل ما شئت حتى أعطيكه فقال: قد حببت إلى جعفر بن محمد عليهما السلام ووقع في قلبي له التفضيل وأنت في حل وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت ".
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست