على نفس الحر فما المانع من تحققه في مقامنا.
وقد يدفع بأن المنافع بعد فرض وجودها في ضمن عقد يصير مالا وإتلاف هذا المال لا يتصور إلا بالفوات دون الاستيفاء وبأن اشتراط القبض في استقرار أثر العقد ليس أمرا تعبديا منصوصا عليه حتى ينازع في صدقه، فليس المراد به حصول شئ في الخارج يصدق عليه أنه قبض، بل المراد خروج العاقد عن درك ما في يده بنحو من الأنحاء التي منها التخلية مثل الدار والأراضي ولذا حكموا بأن إتلاف المشتري المبيع في يد البايع بمنزلة القبض وهذا المقدار من القبض موجود لأن الحبس وإن لم يكن إتلافا حقيقة إلا أنه تسبيب إلى امتناع العمل الواقع عليه الإجارة فيكون كالاتلاف في اقتضائه استقرار العوض.
ويمكن أن يقال في الجواب الأول إن اكتفي بمطلق الفوات لزم استحقاق الأجرة بالفوات بدون الحبس وكون الأجير تحت نظر المستأجر وهذا كما ترى.
وأما ما ذكر في الجواب الثاني من أن الحبس وإن لم يكن إتلافا إلا أنه تسبيب إلى امتناع العمل فيرد عليه أن هذا خلاف ما حقق في الأصول من منع سببية أحد الضدين لعدم الآخر فالحبس ضد للعمل فأين موجب استقرار الأجرة، وأما مع الاستيفاء فلا إشكال في الضمان لأن عمل المسلم محترم بل عمل غير المسلم كالذمي من جهة احترام ماله، والأولى التعبير بحرمة المنفعة لا الانتفاع ألا ترى أن الضيف مثلا مالك للانتفاع بالنسبة إلى المأكول والمشروب ولو أخذ غيره لا يملك هو القيمة أو المثل.
* (ولا يضمن الخمر لو غصبت من مسلم ويضمنها لو غصبها من ذمي، وكذا الخنزير، ولو فتح بابا على مال فسرق ضمن السارق دونه، ولو أزال القيد من فرس فشرد أو عن عبد مجنون فأبق ضمن، ولا يضمن لو أزاله عن عاقل) *.
أما عدم ضمان الخمر لو غصبت من مسلم فقد علل بعدم المالية شرعا للخمر و إن قلنا بوجوب ردها إلى صاحبها حيث إنها قابلة للتخليل فمقتضى " على اليد " وجوب رد العين ما دامت موجودة لأولوية صاحبها وإمكان تخليلها لكن بعد التلف