وأما ما ذكر ثانيا من المنع فلم يظهر أيضا وجهه فإن الأخبار المذكورة لا تقييد فيها.
ولو أزال القيد عن فرس فشرد فالمعروف أن المزيل ضامن لاستناد التلف إليه ولا مباشر في البين، لكن ما ذكر في العبد المجنون لا يخلو عن الاشكال إلا أن يدعى أن أفعال المجنون وحركاته كحركات الحيوان والظاهر أنه ليس كذلك إلا أن يقال: السبب أقوى، ولا يضمن لو كان العبد عاقلا لأنه بعقله يحال عليه الفعل، وقد يوجه الضمان بأن إطلاقه وقد اعتمد ضبطه إتلاف عليه فكان كحل المجنون والبهيمة.
* (الثاني في الأحكام، يجب رد المغصوب وإن تعسر كالخشبة في البناء واللوح في السفينة ولو عاب ضمن الأرش ولو تلف أو تعذر العود ضمن مثله إن كان متساوي الأجزاء وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفها وقيل: أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف وفيه وجه آخر، ومع رده لا يرد زيادة القيمة السوقية، وترد الزيادة لزيادة في العين أو الصفة) *.
يجب على الغاصب رد المغصوب بالعقل والنقل ومن السنة قوله عليه السلام " المغصوب مردود " واستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وآله " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " وتقريبه على وجه يشمل ما إذا كان الغاصب صبيا أن كلمة على إذا نسبت إلى عين تفيد التعهد بالعين فيستتبع التكليف فمع قابلية من تكون العين في عهدته توجه التكليف إليه بالتبع ومع عدم القابلية يكون التكليف معلقا عليها، ويمكن أن يقال: لازم هذا جواز تأخير الرد إلى زمان بلوغ الصبي أو إفاقة المجنون والظاهر عدم التزامهم بهذا فلا يبعد لزوم الرد على الولي أو الحاكم أو عدول المؤمنين أو غيرهم كسائر الأمور التي لا يرضى الشارع بتركها أو تأخيرها.
ثم إنه لا إشكال في وجوب الرد مع عدم تضرر الغاصب، وأما مع التضرر فقيل فيه وجهان الوجوب لأن الغاصب من جهة غصبه أقدم على ضرره، وأورد عليه بأن الاقدام على الغصب ليس إقداما على الضرر بقول مطلق ألا ترى أن المغبون مع تمكنه من الفحص عن القيمة إذا أقدم على الاشتراء لم يكن مقدما على ضرره بل له الخيار