معاوية بن عمار قال: " سألت الصادق عليه السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج ويقول: قد طبخ على الثلث، وأنا أعرفه أنه يشربه على النصف فقال: خمر لا تشربه، فقلت: فرجل من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه يشربه على الثلث ولا يستحله على النصف يخبرنا أن عنده بختجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ فقال نعم " (1) وظاهر الرواية عدم الجواز لا الكراهة.
وأما كراهة الاستشفاء بمياه الجبال الحارة التي يشم منها رائحة الكبريت فلخبر مسعدة بن صدقة " عن الصادق عليه السلام نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الاستشفاء بالحميات وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال التي يوجد فيها رائحة الكبريت فإنها تخرج من فوح جهنم " (2) وقد حمل النهي على الكراهة لقصوره عن معارضة الأصول والعمومات المتضمنة للجواز خصوصا بعد ملاحظة مرسل محمد بن سنان " كان أبي يكره أن يتداوى بالماء المر وبماء الكبريت " (3).
ويمكن أن يقال: إن كان الخبر معتبرا من جهة أخذ الفقهاء بمضمونه فما الوجه في حمله على الكراهة، ويكون مقدما على الأصول والعمومات إن كان عام يستفاد منه الجواز، ومع عدم الاعتبار بحسب السند لا وجه للكراهة، وما قيل من التسامح في أدلة المكروهات كالمستحبات محل إشكال.
وأما المرسل المذكور فلا يستفاد منه الكراهة المصطلحة في لسان الفقهاء فإن الكراهة في لسان الأخبار كثيرا ما يراد بها الحرمة.