الرابع أن يعد في العرف والعادة عدوانا وإن لم يكن حراما شرعيا فإن مثل إيقاف الدابة في وسط الطريق عند تزاحم الناس وإن كان مسوغا شرعا لكن يعد في العرف عدوانا وظلما وهو أشبه شئ بمنافيات المروة.
ويمكن أن يقال: لا يمكن استفادة هذا الشرط بنحو الكلية من الأخبار المذكورة فإن صحيح الحلبي المذكور يستفاد منه الضمان في صورة الاضرار بطريق المسلمين فالتعدي إلى كل ما كان عدوانا بنظر العرف مشكل ألا ترى أن القائلين بالشروط المذكورة إذا سئل عنهم كيف حكم على الطبيب والبيطار بالضمان مع جواز العمل وصدق الاحسان يجيبون بقيام الدليل على الضمان على خلاف القاعدة، و الحاصل أنه مع رفع اليد عن بعض الخصوصيات التي ذكرت في الأسئلة استفادة القاعدة الكلية بالنحو المذكور مشكلة فلنرجع إلى ما في المتن.
" ولو فتح بابا على مال فسرق ضمن السارق دون الفاتح " وهنا وإن اجتمع السبب والمباشر لكن على المعروف أنه يتوجه الضمان إلى المباشر لأنه أقوى والمعروف أنه مع الاجتماع يتوجه الضمان على الأقوى وهذا إن كان مجمعا عليه فلا إشكال ومع عدم الاجماع يستشكل من جهة أنه إن ثبت بالدليل إيجاب كل من السببية والمباشرة الضمان فما الوجه في توجه الضمان بخصوص الأقوى، ألا ترى أنه في تعاقب الأيدي لا يلاحظ الأقوى بل يرجع المضمون له إلى كل منهم.
وأورد عليه أولا بأن هذا الكلام على تقدير الصحة يوجب التشريك لا التخيير وثانيا بمنع كون السبب مضمنا مطلقا إذ المستفاد من أدلة سببيته للضمان حيث لا يكون فيه من يستند إليه الاتلاف عرفا.
ويمكن أن يقال: لم يظهر وجه ما ذكر من إن هذا الكلام على تقدير الصحة يوجب التشريك لا التخيير لورود النقض بتعاقب الأيدي وأن المستفاد من الأدلة الضمان بالنسبة إلى كل ما تلف إلا أن ينزل منزلة الأسباب الخارجية حيث إنها مع الاجتماع يكون المسبب مستندا إلى المجموع فتأمل.