فمنها العلم بأن ما يأمر به معروف وما ينهى عنه منكر، ويمكن الاستدلال له بخبر مسعدة المذكور ثانيا ولولا هذا والتسليم بين العلماء والاستدلال بهذا الخبر لأمكن الخدشة في الاشتراط لامكان وجوب الأمر والنهي بما هو معروف ومنكر واقعا مع إمكان تعلم ما هو معروف وما هو منكر فيكون الشرط شرطا للواجب لا للوجوب.
الثاني من الشرائط أن يجوز تأثير إنكاره فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لم يجب، واستشكل في كفاية غلبة الظن بعدم التأثير بأن الأوامر مطلقة ومقتضاها الوجوب حتى مع العلم بعدم التأثير إلا أنه للاجماع وغيره سقط في خصوص صورة العلم بعدم التأثير.
ويمكن الاستدلال بخبر مسعدة بن صدقة المذكور حيث قال فيه على المحكي " هذا على أن يأمره بعد معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا " وهذا وإن كان راجعا إلى الأمر بالمعروف لكن الظاهر عدم الفرق بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقوله عليه السلام على المحكي " في خبر يحيى " إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن متيقظ أو جاهل متعلم وأما صاحب سوط وسيف فلا " (1).
وفي خبر أبان كان المسيح يقول: إن التارك شفاء المجروح من جرحه شريك جارحه لا محالة إلى أن قال وكذلك لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتجهلوا، ولا تمنعوها أهلها فتأثموا وليكن أحدكم بمنزلة الطبيب المداوي إن رأى موضعا لدوائه وإلا أمسك.
ولا وجه للخدشة في دلالة هذه الأخبار، فنوقش في دلالة الخبر الأخير بأن الطبيب قد يعطي الدواء مع احتمال الشفاء وفي الخبر الأول بعدم دلالته على العلم بالقبول مع أن الخصم لا يقوله ضرورة وجوبه عنده مع تساوي الطرفين، وذلك لأن هذا الكلام بعد قوله عليه السلام على المحكي " لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها - الخ " والخبر