العهد لغة الاحتفاظ بالشئ ومراعاته والظاهر أنه بهذا المعنى متعلق للحكم شرعا غاية الأمر لزوم الانشاء ولا إشكال في صدق العهد بالنحو المذكور لكن لم يظهر وجه للتقييد بكون العهد مشروطا وعدم الانعقاد بدون التعليق، والظاهر انعقاده بلا تعليق لكونه مشمولا للعمومات، وما ذكر في النذر من احتمال مدخلية الشرط في حقيقته لم يذكر هنا كما أنه ليست الصيغة خصوص عاهدت الله تعالى بل يصح أن يقول عليه عهد الله ولا إشكال في تحققه نطقا وفي انعقاده اعتقادا قولان والأقوى عدم الانعقاد لأن العهد من الايقاعات المحتاجة إلى الانشاء والانشاء لا يتحقق بمجرد القصد مضافا إلى أنه مع الشك في صدق العهد على البناء القلبي كيف يتمسك بالعمومات مثل أوفوا بالعقود.
وخبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام " من جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر لله طاعة فحنث فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا " (1).
وخبر علي بن جعفر عن أخيه عليهما السلام " سألته عن رجل عاهد الله في غير معصيته ما عليه إن لم يف بعهده؟ قال: يعتق رقبة أو يتصدق بصدقة أو يصوم شهرين متتابعين " (2).
ويظهر من خبر أبي بصير مدخلية تعلق العهد بأمر فيه لله طاعة فلا يكفي كونه مباحا ولا يعارض بخبر علي بن جعفر المذكور لامكان التخصيص كما يخصص قوله:
" يتصدق بصدقة " - على المحكي - بإطعام ستين مسكينا وإن كان مشكلا مع ترك الاستفصال من جهة أنه يكون العام والمطلق غالبا من باب ضرب القانون فلا إشكال في التخصيص والتقييد بخلاف ترك الاستفصال كما لا يخفى، فلا إشكال في اشتراط القصد في العهد بالنحو المذكور في النذر لما ذكر هناك.
* (الثالث في متعلق النذر وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر، ولا ينعقد مع العجز ويسقط لو تجدد العجز، والسبب إن كان طاعة لله وكان النذر شكرا لزم، ولو كان زجرا لم يلزم وبالعكس لو كان السبب معصية، ولا ينعقد لو قال: " لله علي نذر ".