وقال يونس بن يعقوب: " سألت أبا عبد الله عليه السلام " عن الرجل يشرب الدواء وربما قتل وربما سلم وما يسلم أكثر، فقال: أنزل الله الدواء وأنزل الشفاء، وما خلق الله تعالى داء إلا وجعل له دواء فاشرب وسم الله تعالى " (1).
ويمكن أن يقال: المستفاد من الأخبار جواز المعالجة مع احتمال الضرر والموت بسبب المعالجة مع رجحانها عند العقلاء وأما مع عدم رجحانها كما لو كان المظنون الضرر أو الموت بسبب المعالجة فلا، ولذا نرى أن الأطباء المحتاطين لا يقدمون عليها.
ثم إن مقتضى مرسل تحف العقول المذكور حرمة ما كان مضرا ولو لم يصل ضرره إلى الهلاكة، فيشكل التحديد بكون المضر موجبا للقتل والهلاكة فإن كثيرا من المأكولات والمشروبات يكون مضرة للأبدان ولا يوجب القتل والهلاكة ولازم هذا لزوم الاحتراز عن مثل شرب الماء وأكل الغذاء زائدا على اللازم بالنسبة إلى من يتضرر والظاهر أن السيرة على خلاف هذا، ولا مجال ظاهرا للأخذ بقاعدة نفي الضرر والضرار لاثبات الحرمة لأن المعروف أن القاعدة راجعة إلى نفي الأحكام الضررية لا تحريم الضرر والضرار، نعم بعض الأعلام حملها على التحريم نظير نفي الرفث والفسوق في الحج في الآية الشريفة.
* (القسم الخامس في المايعات، والمحرم منها خمسة:
الأول الخمر وكل مسكر والعصير إذا غلا، الثاني الدم وكذا العلقة ولو في البيضة وفي نجاستها تردد أشبهه النجاسة، ولو وقع قليل دم في قدر وهي تغلي لم يحرم المرق ولا ما فيه إذا ذهب بالغليان، ومن الأصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل، وهو حسن كما لو وقع غيره من النجاسة) *.
أما حرمة الخمر فهي من ضروريات دين المسلمين بل يقال: إن مستحلها داخل في الكافرين.