ويمكن أن يقال: إن المستفاد من هذه الأخبار كون المنذور طاعة يصح أن يتقرب به ولا دخل لها في اعتبار قصد القربة في نفس النذر.
وأما اعتبار القدرة في متعلق النذر فإن كان النظر فيه إلى عدم التكليف بالوفاء مع العجز فلا إشكال فيه وإن كان إلى مدخلية القدرة في حقيقة النذر كاعتبار كون متعلق النذر طاعة فلا دليل عليه، وهذا كما لو أتلف مال الغير ولا يقدر على رد المثل أو القيمة فإن الاشتغال باق وإن لم يكن مكلفا بالأداء لكنه إذا تبرع الغير بالأداء وقع الفراغ، فلو نذر أمرا بتخيل القدرة وانكشف عجزه فلا مانع من صحته في صورة عدم التقيد بمباشرته وفائدة الصحة أنه لو تبرع متبرع تحقق المنذور كقضاء الصلوات الفائتة والحج بعد موت المكلف، ومنه يظهر الاشكال في السقوط بتجدد العجز.
نعم لو كان المنذور مقيدا بكونه بمباشرته بنحو وحدة المطلوب يسقط، لكن الظاهر أنه لا يلتزمون بالسقوط فيما لو نذر الحج وعجز عن إتيانه من غير فرق بين التقييد بنحو تعدد المطلوب أو وحدته ولا بد من المراجعة هذا، وقد يتمسك بقوله عليه السلام " من نذر فبلغ جهده فلا شئ عليه " إن لم يكن إشكال من جهة السند أو كان منجبرا باعتماد الفقهاء مع إمكان أن يكون المراد أنه لا يكون مكلفا كما هو حكم العقل ولا ينافي صحة النذر نظير كون المفلس في أمان الله تعالى.
والسبب - أي ما علق عليه النذر - إن كان طاعة وكان النذر شكرا لزم النذر كقوله إن حججت فلله علي صوم كذا شكرا لاجتماع شرائط الصحة.
ولو كان زجرا لم يلزم النذر ولا يصح لو قصد الزجر بالمنذور حيث إن المنذور وإن كان بالذات طاعة لكنه حيث قصد به الزجر عن الطاعة لا يكون طاعة وإن كان السبب معصية وكان النذر زجرا لزم النذر لصدق الطاعة على المنذور وإن كان شكرا لم يلزم ولا يصح وإن كان المنذور بالذات طاعة لكنه حيث وقع شكرا لتحقق المعصية يخرج عن كونه طاعة والظاهر أن وجه ما ذكره الفقهاء من التفصيل صدق الطاعة المعتبرة في المنذور في بعض الصور وعدم صدقها في بعض آخر لا عدم تعارف النذر في بعض