وأما رابعا فلأن إدراك هذه المحسوسات إما أن يكون لذة وألما للحواس أو لا يكون.
فإن قال بالأول يكون إدراك البصر للألوان الحسنة لذة وإدراكه الألوان المؤذية ألما.
وإن قال بالثاني فلا يكون للمس لذة ولا ألم ولا للشم والذوق.
وإن كان لذة وألما للبعض دون بعض كان ذلك ترجيحا من غير مرجح وهو محال.
وذلك لأن الحواس الخمس جميعا وسائط للنفس في إدراك المحسوسات الجزئية.
ثم قال قال الإمام في كتاب المباحث المشرقية حيث تكلم في اللذة معتذرا عذرا عن الشيخ في خروجه عن مذهبه في هذا المقام في البصر والسمع:
الألوان ليست ملائمة للقوة الباصرة فإنه يستحيل اتصاف القوة بالألوان وذلك لأن الملائم للشيء هو الذي يكون كمالا له وأقل درجات الكمال حصوله للشيء بل إدراك الألوان هو الملاءمة للقوة الباصرة. والشيخ لم يجعل حصول الملائم هو اللذة بل إدراك الملائم والقوة الباصرة إذا أبصرت فقد حصل لها الملائم لا إدراكه.
فإن القوة الباصرة لم تدرك كونها مدركة للألوان بل النفس هي المدركة لذلك فإنها تدرك الأشياء وتدرك أنها أدركتها.
ثم قال: أقول: على ما قاله الإمام يلزم أن لا يلتذ القوة اللامسة لأنه ليس لها أن تدرك أنها أدركت فإن هذا للنفس على ما زعمه وكذا الكلام في القوة الذائقة والشامة.
وكل ذلك مناقض لمذهب الشيخ الذي قاله في الشفاء والقانون.
هذا كلام المسيحي في شرحه للقانون.
ورد عليه العلامة الشيرازي أما فيما ذكره أولا فبقوله إنا لا نسلم أن الشيخ ولا غيره من الحكماء الراسخين في الحكمة المتعالية ذهبوا واعتقدوا أن المدرك للمحسوسات الجزئية هو الحواس الخمس وإنما ذلك من أغلاط المتأخرين كالإمام