القول في ماء البحر وغيره من المياه المالحة أما ماء البحر فقوي الملوحة جدا شديد التقطيع والتلذيع. ولذلك صار مضرا (1)، ملينا للبطن، محدرا للبلغم الغليظ اللزج. وربما شرب وحده لمثل ذلك. وربما شرب بالاسكنجبين ممزوج (2) للاسهال. ويصلح منه مرق الدجاج المسمن ليكسر حدة تلذيعه الطبيعية، ويمنع من إضراره بالعصب المعدية والأمعاء لما يفيده ذلك من..
(3) بدسمه، وإن كان الفاضل أبقراط قد أنكر قول من قال في الماء المالح أنه مطلق للبطن بالقول المطلق. وذلك أنه وإن كان مطلقا للبطن من جهة، فإنه حابس لها من جهة أخرى، من قبل أنه وإن كان في ابتداء فعله يلطف الفضول بطبعه ويلذع الأمعاء ويطلق إطلاقا لينا، فإنه إذا جفف الرطوبات وأفنى اللعابيات ولم يجد هيولي يفعل فيه، نشف رطوبة الثفل وجففه ومنعه من الانحدار. وصار ذلك سببا وكيدا لحبسه للبطن وإضراره بالعصب. ولذلك أشارت الأوائل بشرب دسم الدجاج المسمن بعقب الخروج من الاسهال منه، ليمنعوا من الافراط بتجفيفه وإضراره بالعصب.
ومن منافعه على سبيل الدواء: أنه إذا استعمل من خارج وإذا صب على الأبدان، غاص في مسام البدن وحلل الفضول وجذبها إلى سطح البدن وظاهره، ونفع من لسع العقارب ونهش الرتيلاء والأفاعي والحيوان الذي يعرض عن نهشه الارتعاش لجذبه السم إلى خارج وبخاره الذي يتصاعد منه. وإذا طبخ، كان نافعا (4) من الصداع البلغماني وثقل السمع. وإذا عمل منه ضماد، حلل الأورام البلغمانية. وذكر