واستحال إلى فساد، وأحدث أمغاصا ونفخا وقراقر. وإما أن يتفجج في المعدة لضعف الحرارة عن طبخه، فيستحيل إلى الحموضة والعفونة ويحدث نفخا وقراقر وجشاء حامضا عفنا. فإن كانت العفونة أغلب على الجشاء دلت على أن الفضل سوداوي (1)، وإن كانت الحموضة أغلب دلت على أن الفضل بلغماني. وقد يختلف ذلك في الناس على حسب اختلاف صنوف البلغم، لان أصناف البلغم على ضروب خمسة:
وذلك أن منه نوعا يعرف بالتفه أي لا طعم له. وهذا النوع هو الطبيعي ومسكنه العروق لكنه جوال مع الدم في جميع البدن، من قبل أنه دم لم يكمل نضجه فيعذب، ولذلك صارت الطبيعة تستعمله في تغذية البدن عند حاجتها إليه عند نقصان الدم ومنفعته للبدن أن به تكون سهولة الازدراد وحركات المفاصل، وجولان الغذاء إلى جميع البدن، وخروج ما يخرج من فضول البدن.
ومنه نوع ثان: يميل إلى العذوبة قليلا قريب من طبيعة الدم، دال على حرارة قد قويت على البلغم الطبيعي فزادت في هضمه، ونقلته إلى العذوبة.
ومنه نوع ثالث: مائل إلى الملوحة والبورقية قريب من طبيعة المرة الصفراء، دال على حرارة قوية، قد أفرطت على رطوبة البلغم، وأسخنتها وصيرتها بورقية. ولذلك صار هذا النوع من البلغم زائدا في شهوة الماء، وناقصا من شهوة الغذاء.
ومنه نوع رابع: مائل إلى الحموضة قريب من طبيعة المرة السوداء، دال على برودة زائدة قد غلبت على البلغم ومنعت من كمال نضجه، ونقلته إلى الحموضة. ولذلك صار هذا الضرب من البلغم ناقصا من شهوة الماء، وزائدا في شهوة الغذاء.
ومنه نوع خامس: يعرف بالزجاجي لأنه شبيه بالزجاج الأبيض المذاب نستغني عن ذكره في هذا الموضع لأنه لا يغذو البدن أصلا، ولا يستحيل كاستحالة سائر صنوف البلغم، ولا يجول في البدن، ولا ينقاد لفعل الطبيعة، وذلك لغلظه وقوة برده.
وكذلك المرة قد تتصنف على ضروب:
وذلك أن منها نوعا يعرف بالأشقر، لأنه لونه متوسط بين الصفرة والحمرة. وهو النوع الطبيعي المتولد في أبدان الأصحاء ومسكنه ليس المرارة لان الطبيعة تستبشعه لمرارته (2) وحدته فحصرته في موضع ولم ترسل منه مع الدم إلا مقدار حاجتها إليه في تقوية القوة الجاذبية في كل واحد من الأعضاء، كما بشعت المرة السوداء لشدة حموضتها وقوة بردها ويبسها، فحصرتها في الطحال ولم ترسل منها مع