قوله: (لا أنكر) يحتمل لا أنكر وحدانية الله تعالى، أو لا أنكر فضلك وإذا كان ذلك محتملا لم يصح الجواب به حتى يجيب بما يزول معه الاحتمال مما قدمنا ذكره.
وقوله: (لا أدري ما يقول). انما لم يكن جوابا صحيحا، لأنه اعلم بما يقول خصمه، وكيف يقول لا أدري به.
وقوله: (انا مقر أو منكر) انما يجرى مجرى ما تقدم، في أنه ليس بجواب صحيح، لمثل ما ذكرناه في الوحدانية وغيرها.
350 - مسألة: إذا قال: (لزيد) على مأة، ثم سكت ثم قال: من ثمن مبيع لم اقبضه. أو قال: له على مأة من ثمن مبيع، ثم سكت ثم قال: لم اقبضه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا قال الأول لم يقبل منه ما ادعاه من المبيع، لأنه أقر بالمأة وفسر ذلك بما يسقط اقراره. واما الثاني فلا يجرى مجرى الأول، لأنه إذا قال: له على مأة من ثمن المبيع، ثم سكت ثم قال: لم اقبضه، قبل ذلك منه، لان قوله بعد السكوت: (لم اقبضه) غير مناف للاقرار الأول، لأنه قد تكون عليه مأة دينار ثمنا، ولا يلزمه تسليمها حتى يقبض المبيع، ولان الأصل عدم القبض.
351 - مسألة: إذا شهد على انسان شهود باقراره، ولم يقولوا: هو صحيح العقل، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: تصح الشهادة بذلك، لأن الظاهر صحة اقراره، ولان الظاهر أيضا ان الشهود لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل، فان ادعى المشهود عليه بالاقرار، انه أقر وهو مجنون، وأنكر المقر له ذلك، كان القول، قوله مع يمينه، لان الأصل عدم الجنون، ولان الشهود يشهدون على ظاهر الحال، فيجوز ان يخفى جنونه، ويكون المقر له عالما بذلك.
352 - مسألة: إذا قال: له على درهم في عشرة، كم يكون للمقر له؟
الجواب: ان أراد بما ذكره ضرب الحساب، وجبت عليه عشرة دراهم، لان واحدا في عشرة، عشرة، وان لم يرد ضرب الحساب، لم يلزمه غير درهم