(2) وقال عليه السلام: (ألا إن أخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة بني أمية! إنها فتنة عمياء صماء مطبقة مظلمة عمت فتنتها وخصت بليتها. أصاب البلاء من أبصر فيها، وأخطأ البلاء من عمي عنها. أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها، يملؤون الأرض بدعا وظلما وجورا. وأول من يضع جبروتها ويكسر عمودها، وينزع أوتادها الله رب العالمين وقاصم الجبارين.
ألا إنكم ستجدون بني أمية أرباب سوء بعدي، كالناب الضروس تعض بفيها وتخبط بيديها وتضرب برجليها وتمنع درها. وأيم الله، لا تزال فتنتهم حتى لا تكون نصرة أحدكم لنفسه إلا كنصرة العبد السوء لسيده، إذا غاب سبه وإذا حضر أطاعه.
وأيم الله لو شردوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله لشر يوم لهم.
فقال الرجل: فهل من جماعة يا أمير المؤمنين بعد ذلك؟ قال عليه السلام: إنها ستكون جماعة شتى، عطاؤكم وحجكم وأسفاركم واحد والقلوب مختلفة. قال واحد: كيف تختلف القلوب؟ قال عليه السلام: هكذا، وشبك بين أصابعه، ثم قال: يقتل هذا هذا، وهذا هذا هرجا هرجا، ويبقى طغام جاهلية ليس فيها منار هدى ولا علم يرى. نحن أهل البيت منها بمنجاة، ولسنا فيها بدعاة.
قال: فما أصنع في ذلك الزمان يا أمير المؤمنين؟ قال عليه السلام: أنظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم تنصروا وتعذروا، فإنهم لن يخرجوكم من هدى ولن يدعوكم إلى ردى، ولا تسبقوهم بالتقدم فيصرعكم البلاء، وتشمت بكم الأعداء. قال: فما يكون بعد ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال عليه السلام: يفرج الله البلاء برجل من بيتي كانفراج الأديم من بيته، يسومهم خسفا ويسقيهم بكأس مصبرة ولا يعطيهم ولا يقبل منهم إلا السيف، هرجا هرجا، يحمل السيف على عاتقه ثمانية أشهر حتى تود قريش بالدنيا وما فيها أن يروني مقاما واحدا فأعطيهم وآخذ منهم بعض ما قد منعوني، وأقبل منهم بعض ما يرد عليهم حتى يقولوا: ما هذا من قريش،