جحفل من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، شديد زحامهم، ساطع قتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحب اللقاء إليهم لقاء ربهم، قد صحبتهم ذرية بدرية وسيوف هاشمية، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدك وأهلك! وما هي من الظالمين ببعيد). (نهج البلاغة: 3 / 30) " (6) وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالمدينة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله، ثم قال: أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلا من بعد تمهيل ورخاء، ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلا بعد أزل وبلاء.
أيها الناس: في دون ما استقبلتم من عطب واستدبرتم من خطب معتبر، وما كل ذي قلب بلبيب، ولا كل ذي سمع بسميع، ولا كل ذي ناظر عين ببصير! فيا عجبا وما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها، لا يقتصون أثر نبي ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب ولا يعفون عن عيب، المعروف فيهم ما عرفوا، والمنكر عندهم ما أنكروا، وكل امرئ منهم إمام نفسه، آخذ منها فيما يرى بعرى وثيقات وأسباب محكمات، فلا يزالون بجور ولن يزدادوا إلا خطأ، لا ينالون تقربا ولن يزدادوا إلا بعدا من الله عز وجل....
أيها الناس: إن المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير، ولو لم تتخاذلوا عن مر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجع عليكم من ليس مثلكم ولم يقو من قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى بن عمران عليه السلام! ولعمري ليضاعفن عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو إسرائيل! ولعمري أن لو قد استكملتم من بعدي مدة سلطان بني أمية لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى الضلالة وأحييتم الباطل، وخلفتم الحق وراء ظهوركم، وقطعتم الأدنى من أهل بدر، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله صلى الله عليه وآله! ولعمري أن لو قد ذاب ما في أيديهم، لدنا التمحيص للجزاء، وقرب