رماه رجل من بني النضير بسهم فأصاب القبة، فأمر النبي صلى الله عليه وآله أن تحول قبته إلى السفح وأحاط به المهاجرون والأنصار. فلما اختلط الظلام فقدوا أمير المؤمنين عليه السلام فقال الناس: يا رسول الله لا نرى عليا؟ فقال: أراه في بعض ما يصلح شأنكم، فلم يلبث أن جاء برأس اليهودي الذي رمى النبي صلى الله عليه وآله، وكان يقال له عزورا، فطرحه بين يدي النبي فقال له النبي صلى الله عليه وآله: كيف صنعت؟ فقال: إني رأيت هذا الخبيث جريئا شجاعا، فكمنت له وقلت ما أجرأه أن يخرج إذا اختلط الظلام يطلب منا غرة، فأقبل مصلتا سيفه في تسعة نفر من أصحابه اليهود فشددت عليه فقتلته وأفلت أصحابه ولم يبرحوا قريبا، فابعث معي نفرا فإني أرجو أن أظفر بهم فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله معه عشرة فيهم أبو دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف، فأدركوهم قبل أن يلجوا الحصن فقتلوهم وجاؤوا برؤوسهم إلى النبي صلى الله عليه وآله فأمر أن تطرح في بعض آبار بني حطمة. وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير. وفي تلك الليلة قتل كعب بن الأشرف. وكانت غزاة الأحزاب بعد بني النضير). انتهى.
أقول: غرضنا هنا أن الحاخام اليهودي يامين بن يامين صديق كعب الأشرف وصديق أبي سفيان، وهو رأس اليهود (السيرة الحلبية: 2 / 327) وزعموا أنه: (أسلم وأحرز ماله وحسن إسلامه وهو من كبار الصحابة). (أسد الغابة: 5 / 99)! كان يامين هذا في مجلس معاوية فجرى ذكر كعب فأقسم يامين أنه قتل غدرا! ومعناه أن النبي صلى الله عليه وآله معاذ الله ظالم غادر! فثارت ثائرة محمد بن مسلمة الأنصاري الذي كان في المجموعة التي قتلته بأمر النبي صلى الله عليه وآله وطالب معاوية بمعاقبة يامين، فلم يفعل معاوية ولم يحرك ساكنا ومعناه أنه أقره! فغضب ابن مسلمة، وحلف أن لا يجالس معاوية وأن يقتل يامين إن قدر عليه!