الخذلان! وبغض معاوية للأنصار ومعاكسته لمصالحهم أمر مشهور، تشهد به كتب السير والتأريخ لا يحتاج إلى تجشم الإستدلال عليه، وقد قال عليه وآله الصلاة والسلام: إستوصوا بالأنصار خيرا. وقال أيضا: حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق! وفي صحيح البخاري: لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق). انتهى.
أقول: من السهل أن تلمس عند معاوية ويزيد وبني أمية تجاه الأنصار، نفس المشاعر العدائية التي كانت عند أبي سفيان ومشركي قريش تجاههم! فقد اعتبروهم مسؤولين عن حماية النبي صلى الله عليه وآله ونصرته، وتحقيق النصر له عليهم!
وأكثر ما غاض معاوية من الأنصار، أنهم كانوا جميعا مع علي عليه السلام! وكانوا من أشد المجموعات القتالية عليه في صفين، فحقدها عليهم إلى آخر عمره، ثم أوصى ابنه يزيد بالشدة معهم إن لم يبايعوه، أو ثاروا عليه، فبطش فيهم يزيد في وقعة الحرة، بطش الجبارين الملحدين!
روى نصر ابن مزاحم في كتابه وقعة صفين / 445: (وإن معاوية دعا النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، ولم يكن معه من الأنصار غيرهما فقال: يا هذان، لقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج، صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال، حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع والجبان، وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار. أما والله لألقينهم بحدي وحديدي، ولأعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه، ثم لأرمينهم بأعدادهم من قريش، رجال لم يغذهم التمر والطفيشل (طعام يعمل من الحبوب كالعدس والجلبان وما أشبه ذلك) يقولون نحن الأنصار! قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم. فغضب النعمان فقال: يا معاوية لا تلومن الأنصار بسرعتهم في الحرب فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية.