به إلى رحلي فبات عندي، فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله (ص) فلما رآه رسول الله (ص) قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟
قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئا بعد! قال: ويحك يا أبا سفيان! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ قال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا! فقال له العباس: ويحك! أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قبل أن تضرب عنقك. قال: فشهد شهادة الحق فأسلم! قال العباس: قلت يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئا، قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن!
فلما ذهب لينصرف قال رسول الله (ص): يا عباس إحبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل، حتى تمر به جنود الله فيراها. قال: فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله (ص) أن أحبسه، قال: ومرت القبائل على راياتها، كلما مرت قبيلة قال: يا عباس، من هذه؟ فأقول: سليم، فيقول: مالي ولسليم، ثم تمر القبيلة فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: مالي ولمزينة، حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها، فإذا أخبرته بهم، قال: مالي ولبني فلان، حتى مر رسول الله (ص) في كتيبته الخضراء... فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد، فقال: سبحان الله! يا عباس من هؤلاء؟ قال: قلت: هذا رسول الله (ص) في المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما! قال قلت: يا أبا سفيان إنها النبوة. قال: فنعم إذن (أي صحيح صحيح)! قال قلت: النجاء إلى قومك، حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته: