العثمانية، وصاحب الرياض يقول إنه بمنزلة منتصب قاضي القضاة، واستمر على ذلك سبع سنين. وكان يقيم بها صلاة الجمعة بدل الظهر فإنه ممن يرى وجوب صلاة الجمعة عينا كما هو رأى شيخنا الشهيد الثاني اه.
قال المؤلف: ربما كان رأي الشهيد أولا ثم عدل عنه إلى الوجوب التخييري.
والعلماء العامليون الذين هاجروا من أوطانهم إلى بلاد أخرى قد ظهر فيهم نوابغ ظهرت لهم مقامات عالية في كل عصر وزمان. ثم إن في كلام صاحب الرياض المتقدم ما يوشك ان يكون متدافعا فهو يقول في أوله انه توجه من جبل عامل إلى أصبهان وأقام بها ثلاث سنين ثم يقول لما اطلع الشيخ علي المنشار على وروده أخبر الشاه بذلك فأحضره إلى قزوين والتدافع بينهما ظاهر فصدر الكلام يقتضي انه حضر إلى قزوين بعد اقامته بأصبهان ثلاث سنين وما بعده يدل على أنه حضر إليها بعد وروده إلى أصفهان بمدة يسيرة ولم تطل اقامته بأصفهان ثم العادة قاضية بان يكون أخبار الشيخ علي للشاه عند أول وروده إلى أصفهان لا بعد أن يقيم بها ثلاث سنين على أنه إذا كان جاء إلى أصفهان سنة 965 وأقام بها ثلاث سنين وفي قزوين سبع سنين ومدة في المشهد كما يأتي وأقل ما يفرض فيها سنة أو بعض سنة وفي هراة ثمان سنين كما يأتي يكون قد بقي في هراة إلى سنة 984 مع أن وفاته كانت في تلك السنة فأين ذهبت مدة اقامته في البحرين فالظاهر أن اقامته ثلاث سنوات بأصبهان وقع سهوا من النساخ فان الرياض كانت اجزاؤه باقية في المسودات وبيضها من جاء بعده فوضع بعض ما كان في الهامش في غير موضعه وان إقامة ثلاث سنين كانت في البحرين لا في أصفهان وان قوله ويستفيد منه فيها علماء عراق العجم إلى اقامته في قزوين كل هذه في الهامش فوضعها النساخ في غير مواضعها.
سفره إلى المشهد المقدس الرضوي قال ثم فوض إليه منصب شيخ الاسلام في المشهد المقدس الرضوي والإقامة فيه فأقام فيه مدة.
سفره إلى هراة قال ثم لما كان أكثر أهل هراة في ذلك الوقت غير عارفين بالأئمة الاثني عشر وبمذهب أهل البيت ع أمره الشاه المذكور بالتوجه إلى هراة والإقامة بها لارشاد أهلها وأعطاه ثلاث قرى من قرى تلك البلاد وأمر الشاه المذكور الأمير شاه قلي سلطان يكان أعلى حاكم بلاد خراسان بان يحضر الأمير محمد خدابنده ميرزا ولد الشاه طهماسب كل يوم جمعة بعد الصلاة إلى الجامع الكبير بهراة إلى خدمة المترجم لاستماع الحديث والفقه وأمر حاكم خراسان المذكور ان يكون منقادا لأوامر المترجم ونواهيه وان لا يخالفه أحد فأقام المترجم بهراة ثمان سنين على هذا المنوال مشتغلا بإفادة العلوم الدينية واجراء الأحكام الشرعية واظهار الأوامر الملية فتشيع لذلك خلق كثير ببركة أنفاسه في هراة ونواحيها وتوجه إلى حضرته الطلبة بل والعلماء والفقهاء من الأطراف والأكناف من أهل إيران وتوران لأجل مقابلة الحديث وأخذ العلوم الدينية وتحقيق المعارف الشرعية ثم انه توجه من هراة إلى قزوين لملاقاة الشاه بها وطلب الرخصة منه له ولولده البهائي بحج بيت الله الحرام فاذن الشاه له ولم يأذن لولده لئلا تخلو هراة من مرشد وأمر ولده الشيخ البهائي بالإقامة في هراة والاشتغال بتدريس العلوم الدينية. وبالطبع كان ولده المذكور مقيما معه في هراة مدة مقامه بها وكذلك في قزوين والمشهد وقد اقتفى طريق أبيه في هذه المدة وتعلم منه وسلك مسلكه وهو في ريعان الشباب لا يزيد سنه عن خمس وعشرين سنة الا قليلا فإنه كان عمره لما جاء مع أبيه سبع سنين على قول البعض أو أكثر وبقي معه في قزوين سبع سنين وفي المشهد نحو سنة أو أكثر وفي هراة ثمان سنين فهذه ثلاث وعشرون سنة فإذا أضفنا إليها سنتين مما يمكن ان يكون اقامه في المشهد مع بعض الكسر كانت خمسا وعشرين أو أزيد بقليل فأقام البهائي في هراة مكان أبيه مشتغلا بما كان يشتغل به سادا مسده أو موفيا عليه وقد تعلم اللغة الفارسية وأتقنها فإنه دخل إيران وعمره حوالي سبع سنين وتوجه أبوه إلى الحج وزار المدينة المنورة ورجع من طريق البحرين وتوطنها وكتب إلى ولده الشيخ البهائي ما معناه ان كنت تريد الدنيا فاذهب إلى الهند وان كنت تريد الآخرة فاذهب إلى البحرين وان كنت لا تريد الدنيا ولا الآخرة فتوطن ببلاد العجم، ولكن ما أسداه إليه الشاه لا يوجب ذلك، وقد نظم في نظير ذلك بعض شعراء العجم فقال في رباعية له:
دنيا خواهي بجانب هند كذر * عقبى خواهي بكربلا ساز مقر در آنكه نه دنيا ونه عقبى خواهي * رفتهار از إيران تنهى پاي به در قال وأقام المترجم في بلاد البحرين واشتغل بتدريس العلوم الدينية برهة من الزمان في أواخر عمره إلى أن توفي بها وقبره معروف مزور متبرك به انتهى ما في الرياض.
ميله إلى التصوف في رياض العلماء: كان له رضي الله عنه رغبة في مدح مشايخ الصوفية ونقل كلماتهم كما هو ديدن ولده الشيخ البهائي أيضا وكانه أخذ ذلك من أستاذه الشهيد الثاني لكن زاد في الطنبور نغمة ومن ذلك ما أورده في رسالته المسماة بالعقد الطهماسبي حيث قال في أواخرها في أثناء موعظته للشاه طهماسب الصفوي ما لفظه: ولهذا كان بعض الملوك والأكابر من أهل الدنيا إذا علت همتهم وكثر علمهم بالله ولحظتهم العناية الربانية تركوا الدنيا بالكلية وتعلقوا بالله وحده كإبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وأهل الكهف وأشباههم فإنهم لكمال رشدهم لا يرضون ان يشغلوا قلوبهم بغير الله لحظة عين ولكن هذه مقامات آخر ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات قال المؤلف:
قد ذكرنا في ترجمة ولده البهائي ان الميل إلى التصوف الصحيح لا منقصة فيه كما كان عليه جماعة من علمائنا كالشيخ أحمد بن فهد الحلي وغيره اما التصوف الباطل فينزه عنه أمثال المترجم وابنه وشيخه الشهيد الثاني وأما مدح مشايخ الصوفية ونقل كلماتهم فلا شك انه كان لهم فيه غرض صحيح ومن مدحوهم كانوا غالبا على طريقة مستقيمة وتصوف إبراهيم بن أدهم وبشر الحافي وأهل الكهف كان محض الزهد في الدنيا ومن مثل أهل الكهف غير الأنبياء والمرسلين، فقوله زاد في الطنبور نغمة هفوة منه سامحه الله، وكفى هؤلاء العلماء مدحا وفخرا ما جرى على أيديهم من المنافع العامة والهداية والارشاد والمؤلفات التي انتفع بها الناس إلى اليوم والى يوم القيامة.
وفي الرياض هو ثاني مؤلف في علم الدراية من طريقة أصحابنا وقد سبقه أستاذه الشهيد الثاني بذلك اه. يعني من العلماء المتأخرين والا فقد