وانا حي الا نسب لي. وفي الأغاني عن حسين بن الضحاك الخليع كنت في المسجد الجامع بالبصرة فدخل علينا أبو نواس وعليه جبة خز جديدة فقلت من أين هذه فلم يخبرني فتوهمت انه أخذها من موسى (1) ابن عمران لأنه دخل من باب تميم فقمت فوجدت موسى قد لبس جبة خز أخرى وفي تاريخ دمشق فما زلنا ننقب حتى علمنا أنها من جهة يونس بن عمران بن جميع فانسللت من الحلقة وصرت إلى يونس فقلت:
ان لي حاجة فرأيك فيها * اننا في قضائها سيان فقال هاتها على اسم الله وبركته فقلت:
جبة من جبابك الخز حتى * لا يراني الشتاء حيث يراني قال خذها على بركة الله فأخذتها فقال أبو نواس من أين لك هذه فقلت من حيث جاءتك تلك.
وفي تاريخ دمشق: صلى يحيى بن المعلى الكاتب في مجلس فيه أبو نواس ووالبة بن الحباب فقرأ قل هو الله أحد فغلط فقال أبو نواس:
أكثر يحيى غلطا * في قل هو الله أحد فقال والبة:
قام طويلا ساكنا * حتى إذا أعيا سجد فقال علي بن الخليل:
يزحر في محرابه * زحير حبلى بولد فقال الخليع:
كأنما لسانه * شد بحبل من مسد وروى صاحب الأغاني انه حج أبو نواس وحسين بن الضحاك فجمعهما الموسم فتناشدا قصيدتين لهما وتنازعا أيهما أشعر في قصيدته فقال أبو نواس هذا ابن مناذر وهو بيني وبينك فأنشده أبو نواس قصيدته التي أولها:
دع عنك لومي فان اللوم إغراء * وداوني بالتي كانت هي الداء حتى فرع منها فقال ابن مناذر ما أحسب ان أحدا يجئ بمثل هذه وهم بتفضيله فقال له الحسين لا تعجل حتى تسمع فقال هات فأنشده قوله:
بدلت من نفحات الورد باللاء * ومن صبوحك در الإبل والشاء حتى انتهى إلى قوله:
فضت خواتمها في نعت واصفها * عن مثل رقراقة في عين مرهاء قال له ابن مناذر حسبك قد استغنيت عن أن تزيد فيها شيئا والله لو لم تقل في دهرك كله غير هذا البيت لفضلتك به فحكم له. وروى صاحب الأغاني انه لما مات أبو نواس كتب حسين بن الضحاك على قبره:
كابرنيك الزمان يا حسن * فخاب سهمي وأفلح الزمن ليتك إذ لم تكن بقيت لنا * لم تبق روح يحوطها بدن اخباره مع أبي العتاهية في الأغاني عن الحسين بن الضحاك: كنت أمشي مع أبي العتاهية فمررت بمقبرة وفيها باكية تبكي بصوت شج على ابن لها فقال أبو العتاهية:
أما تنفك باكية بعين * غزير دمعها كمد حشاها أجز يا حسين فقلت:
تنادي حفرة أعيت جوابا * فقد ولهت وصم بها صداها وفيه عن الحسين بن الضحاك كنت عازما على أن أرثي الأمين بلساني كله وأشفي لوعتي فقال لي أبو العتاهية انا إليك مائل ولك محب وقد علمت مكانك من الأمين وانه لحقيق بان ترثيه الا انك قد أطلقت لسانك بالتلهف عليه والتوجع له بما صار هجاء لغيره وثلبا له وتحريضا عليه وهذا المأمون منصب إلى العراق فابق على نفسك يا ويحك أ تجسر على أن تقول:
تركوا حريم أبيهم نفلا * والمحصنات صوارخ هتف هيهات بعدك ان يدوم لهم * عز وان يبقى لهم شرف فعلمت انه قد نصحني فجزيته وقطعت القول فنجوت برأيه وما كدت أنجو.
خبره مع أبي شهاب الشاعر روى أبو الفرج في الأغاني انه جاءت جماعة فيها حسين ابن الضحاك وأبو شهاب الشاعر فتلاحى حسين وأبو شهاب في دابتيهما وتراهنا على المسابقة فسبقه أبو شهاب فقال حسين:
كلوا واشربوا هنئتموا وتمتعوا * وعيشوا وذموا الكودنين جميعا فاقسم ما كان الذي نال منهما * مدى السبق إذ جد الجراء سريعا هي قصيدة معروفة فقال أبو شهاب يجيبه:
أيا شاعر الخصيان حاولت خطة * سبقت إليها وانكفأت سريعا تحاول سبقي بالقريض سفاهة * لقد رمت جهلا من حماي منيعا وهي أيضا قصيدة فكان أصحابه إذا أرادوا العبث به يقولون له أيا شاعر الخصيان.
مقطوعات من شعره غير ما مر في فهرست ابن النديم عند تعداد الشعراء: الحسين الخليع بن الضحاك شعره مائة وخمسون ورقة وذكر قبل ذلك أن كل صفحة من الورقة عشرون سطرا وفي الأغاني عن المبرد حسين بن الضحاك أشعر المحدثين حيث يقول:
اي ديباجة حسن * هيجت لوعة حزني إذ رماني القمر الزاهر * عن فترة جفن بأبي شمس نهار * برزت في يوم دجن قربتني بالمنى حتى * إذا ما أخلفتني تركتني بين ميعا * وخلف وتجني ما أرى لي من جنى * الصبوة الا حسن ظني انما دامت على الغدر * لما تعرف مني استعيذ الله من اعراض * من اعرض عني وفي الأغاني سمع الرياشي ينشد هذين البيتين ويستظرفهما جدا وهما:
إذا ما الماء أمكنني * وصفو سلافة العنب