أن الاستحباب المزبور إن كان لعدم وجوب ما يجب على المحرم كما صرح به ثاني الشهيدين وحكم بالكراهة الشديدة كانت النصوص المزبورة صريحة في خلافه، والتصرف فيها بلا قرينة مناف للقواعد الشرعية، وإن كان مع القول بوجوب ما يجب على المحرم عليه ففيه أن المنساق من الوجوب المزبور جريان حكم المحرم عليه من الكفارة ونحوها، ولذا لم يستثن في بعضها إلا التلبية، فلا ريب في أن الأحوط إن لم يكن أقوى اعتبار كفارات الاحرام.
نعم ينبغي اختصاص مورد المسألة ببعث الهدي نفسه لا ثمنه، لأن هذه الكيفية المتلقاة من الشارع ومن فعل أمير المؤمنين عليه السلام الذي يجب التأسي به، خلافا لثاني الشهيدين فساوى بينهما في ذلك للمرسل (1) في الفقيه عن الصادق عليه السلام (ما يمنع أحدكم أن يحج كل سنة؟ فقيل: لا تبلغ ذلك أموالنا فقال: أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه، فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد ولا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس) وفيه أن الظاهر كون ذلك صورة أخرى غير الصورة السابقة كما اعترف به غير واحد، لعدم ذكر المواعدة فيه ولا إشعار الهدي ولا اجتناب ما يجتنبه المحرم، والثياب المأمور بها في يوم عرفة الثياب التي تلبس يوم الجمعة والعيد، واحتمال تقييد النصوص الأولى به بالنسبة إلى هذا الحكم فرع اتحاد الموضوع، وقد عرفت أنه مختلف فيها، ففي تلك الهدي وفي هذا الثمن، وأحدهما غير الآخر، ومن هنا جعله غير واحد كيفية أخرى، ولا بأس به بعد التسامح في أدلة السنن.
ثم إن إطلاق النصوص الهدي يقتضي التخيير بين النعم الثلاثة، نعم ينبغي إحراز الشرائط التي سمعتها من السن وغيره، وإن كان هدي البعيد لا يصل