وأغرب منه احتمال بعض متأخري المتأخرين أن هذه النصوص عدا صحيح ابن خارجة منها في المصدود والمحصور، حتى الصحيح الأول منها المشتمل على الارسال تطوعا، قال لقبوله التنزيل على ما يوافق التعليل في ذيله بأن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخره، ويلائمه من الاختصاص بالمصدود، ولا كلام في الحكم فيه ولا في المحصور، بل قال أيضا منكرا على من نسب العمل بذلك إلى الكليني والصدوق: (إن ذلك مبني على ظهور الأخبار عندهما في محل البحث، وهو محل نظر) إذ هو كما ترى، فإنه لم ينكر ابن إدريس دلالتها على المطلوب، وإنما منعه من العمل بها أصله المعلوم بطلانه، وبه نفي أكثر الأحكام الشرعية، أو زعمه الفاسد أنها أخبار آحاد وإن تعاضدت وتعددت في حكم ندبي يتسامح في مثله، مع أنه لا زال يعمل بأحكام واجبة ومحرمة بورود بعض النصوص مدعيا خروجها عن الآحاد بالتعاضد ونحوه من القرائن التي هي أضعف مما في المقام بوجوه، فما أدري ما الذي يقع في نفسه بعد معلومية حرمة التشهي والهوى في الأحكام الشرعية، وعلى كل حال فلا مناص عن العمل بها، بل عن ظاهر الشيخ والقاضي وجوب التكفير لو فعل ما يحرم على المحرم، لما سمعته من الأمر في صحيح هارون بذبح البقرة لللبس نفسه المومي إلى التكفير في سائر المحرمات، بل هو المنساق من التصريح بوجوب اجتناب ما يجتنبه المحرم.
لكن قال المصنف وتبعه الفاضل وغيره: (ولو أتى بما يحرم على المحرم كفر استحبابا) ولعله للأصل، واختصاص الصحيح المزبور بالبقرة لللبس نفسه، مع أنهم لا يقولون به في كفارة غيره من الاحرام الحقيقي، ولا يشكل ذلك بأنه لا دليل حينئذ على الندب الذي ذكروه، إذ يمكن أن يكون وجهه بعد التسامح الخروج عن شبهة الخلاف، إلا أن ذلك كما ترى، مضافا إلى