(والطواف أفضل للمجاور من الصلاة، وللمقيم بالعكس) كما صرح به غير واحد، لخبر حريز أو صحيحه (1) (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطواف لغير أهل مكة ممن جاور بها أفضل أو الصلاة قال: الطواف للمجاورين أفضل، والصلاة لأهل مكة والقاطنين بها أفضل من الطواف) وصحيح حفص، وحماد وهشام (2) عنه عليه السلام أيضا (إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل، وإذا أقام سنتين خلط من هذا وهذا، وإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل) إلى غير ذلك من النصوص التي ظاهرها تحديد المجاورة بسنة، وأما الثانية فالخلط، وأما الثالثة فالصلاة، وهو مناف لاطلاق المصنف وغيره الحكم في المجاور والمقيم، وعلى كل حال فالظاهر إرادة غير الرواتب من الصلاة، لزيادة الحث عليها بل قد سمعت قطع الطواف لخوف فوات الوتر منها، بل قد يقال إن المراد أفضلية الطواف من النوافل المبتدأة، أما المخصوصة كنوافل ليلة القدر ونحوها فلا، والأمر سهل بعد كون الأمر مستحبا.
(وتكره المجاورة بمكة) في المشهور كما في الدروس وعلى المعروف من مذهب الأصحاب كما في المدارك معللين له بخوف الملالة وقلة الاحترام أو بالخوف من ملابسة الذنب، فإن الذنب فيها أعظم، وبأن المقام فيها يقسي القلب، وبأن من سارع إلى الخروج منها يدوم شوقه إليها، وذلك المطلوب لله عز وجل، بل في المدارك أن هذه التعليلات كلها مروية. لكن أكثرها غير واضحة الأسناد، قلت: قد عرفت مكررا التسامح في أدلة الكراهة، مضافا إلى قول الباقر عليه السلام في صحيح ابن مسلم (3) (لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها) وإلى صحيح الحلبي (4)