ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الاحرام على كل حال، لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة، وزاد بعضهم أن تحريم الصيد في الفرض من وجوه: تناوله وإمساكه وقتله وأكله بخلاف الميتة التي ثبت التحريم فيها من وجه واحد، وربما نوقش بأنه يمكن حرمتها من وجوه في بعض الأفراد، كما لو غصب شاة وضربها حتى ماتت، ولا قائل بالفصل، وبامكان وجه واحد في الصيد إذا كان قد ذبحه غيره وهو محل في حل، بل قد يرجح الصيد عليها بأن حرمة أكله عارضية بسبب الاحرام والحرم بخلاف الميتة فإنها أصلية، وبأن الصيد له بدل وهو الفداء الموجب للعفو عن إثمه في غير المقام فضلا عنه، بخلاف الميتة وبأن الميتة مشروط أكلها بالضرورة، ولا ضرورة مع وجود الصيد والالتزام بالفداء كما أشارت إليه الرواية، وبالشهرة فتوى ورواية وبغير ذلك.
وعن الصدوق في الفقيه التخيير بين أكل الصيد والفداء وأكل الميتة، قال: إلا أن أبا الحسن عليه السلام (1) قال: (يذبح الصيد ويأكله أحب إلي من الميتة) وعن ابن سعيد موافقته مصرحا بأنه يذبح الصيد ويأكله، ولكن قال في محكي المقنع يأكل الصيد ويفدي، وقد روي (2) في حديث آخر أنه (يأكل الميتة لأنها قد حلت له ولم يحل له الصيد) وظاهره اختيار القول الأول وهو كذلك، ضرورة أن الجمع بالتخيير فرع التكافؤ المفقود هنا من وجوه، بل ونحوه الجمع بالامكان وعدمه مع عدم الشاهد له.
وقد تلخص من ذلك أن الأقوال في المسألة أربعة أو خمسة: الأول الأكل والفداء، والثاني الأكل إن تمكن من الفداء حال الأكل في قول، أو ولو مع الرجوع إلى ماله كما في آخر، والثالث التخيير، والرابع التفصيل